من كان مسافرا سفرا يجيز له قصر الصلاة والفطر، ونوى الصوم ثم أفطر، فلا شيء عليه، لأن له الفطر، وقالت المالكية: يجب عليه القضاء والكفارة، وإن جامع ففي ذلك رأيان: الأول: أنه لا شيء عليه، لأنه مادام يجوز له الفطر فيجوز له كل ما يباح للمفطر، ورأي آخر يرى أنه يجب عليه الكفارة مع القضاء.

ويمكن الأخذ برأي من قال:إنه لا يجب عليه الكفارة، وهو رأي جمهور الفقهاء.

يقول الإمام ابن قدامة في كتابه المغني:

روى جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عام الفتح ، فصام حتى بلغ كراع الغميم ، وصام الناس معه ، فقيل له : إن الناس قد شق عليهم الصيام ، وإن الناس ينظرون ما فعلت ، فدعا بقدح من ماء بعد العصر ، فشرب والناس ينظرون ، فأفطر بعضهم ، وصام بعضهم ، فبلغه أن ناسا صاموا ، فقال : ” أولئك العصاة ” ، رواه مسلم . وهذا نص صريح لا يعرج على من خالفه . إذا ثبت هذا فإن له أن يفطر بما شاء من أكل وشرب وغيرهما ، إلا الجماع ، هل له أن يفطر به أم لا ؟ فإن أفطر بالجماع ففي الكفارة روايتان ; الصحيح منهما أنه لا كفارة عليه . وهو مذهب الشافعي . والثانية ، يلزمه كفارة ; لأنه أفطر بجماع فلزمته كفارة ; كالحاضر .

ولنا أنه صوم لا يجب المضي فيه ، فلم تجب الكفارة بالجماع فيه ، كالتطوع ، وفارق الحاضر الصحيح ، فإنه يجب عليه المضي في الصوم ، وإن كان مريضا يباح له الفطر فهو كالمسافر، ولأنه يفطر بنية الفطر، فيقع الجماع بعد حصول الفطر ، فأشبه ما لو أكل ثم جامع . ومتى أفطر المسافر فله فعل جميع ما ينافي الصوم ، من الأكل والشرب والجماع وغيره ; لأن حرمتها بالصوم ، فتزول بزواله ، كما لو زال بمجيء الليل.