اختلف العلماء حول جواز إعطاء الأقارب من مال الزكاة بعد اتفاقهم على عدم جواز إعطاء الآباء والأولاد منها ، والراجح جواز إعطاء الأقارب مثل الإخوة والأخوات ، والأعمام ، والعمات ماداموا فقراء ، ويجوز إعطاؤهم ما يسد فقرهم .

وهناك ضوابط للفقر الذي يرخص في أخذ الزكاة . وليس شرطا إخبارهم بأن هذا المال هو زكاة مال.

يقول الدكتور يوسف القرضاوي :-

الذي نرجحه هو الذي ذهب إليه أكثر أهل العلم منذ عصر الصحابة والتابعين ومن بعدهم من جواز دفع الزكاة إلى القريب ما لم يكن ولدًا أو والدًا. وهو الذي رجحه أبو عبيد في الأموال.
وحُجَّتنا في ذلك:
أولاً: عموم النصوص التي جعلت صرف الزكاة للفقراء دون تمييز بين قريب وأجنبي مثل آية: (إنما الصدقات للفقراء والمساكين) .. وحديث: “تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم” فإن هذه العموميات تشمل الأقارب، ولم يرد مخصص صحيح يخرجهم عنها، بخلاف الزوجة والوالدين والأولاد فقد خصصوا منها بالإجماع الذي ذكره ابن المنذر وأبو عبيد وصاحب البحر، وبالأدلة التي ذكرناها هناك.

وثانيًا: ما ورد في الأقارب خاصة من النصوص المرغبة في الصدقة عليهم، مثل قوله -صلى الله عليه وسلم-: “الصدقة على المسكين صدقة، وهى على ذي الرحم ثنتان: صدقة وصلة” (رواه أحمد والنسائي والترمذي وابن حبان والحاكم والدارقطني، وحسنه الترمذي (نيل الأوطار: 189/4)، والصدقة تطلق على الزكاة كما عرفنا، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: “إن أفضل الصدقة على ذي الرحم الكاشح” (رواه أحمد والطبراني عن أبي أيوب ورويا نحوه عن حكيم بن حزام، ذكره في مجمع الزوائد وقال: إسناده حسن، وكذلك رواه الطبراني في الكبير عن أم كلثوم بنت عقبة ورجاله رجال الصحيح (الروض النضير: 422/2).والكاشح هو المضمر للعداوة. وكذلك ما رواه الطبراني والبزار عن عبد الله بن مسعود (في الحديث الذي ذكرناه من قبل من رواية الشيخين وأحمد) أن امرأته قالت لبلال: اقرأ على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- السلام من امرأة من المهاجرين ولا تبين له، وقل له: هل لها من أجر في زوجها من المهاجرين ليس له شيء وأيتام في حجرها. وبنو أخيها، أن تجعل صدقتها فيهم؟ فأتى بلال النبي –صلى الله عليه وسلم– فقال: نعم لها أجران: أجر القرابة وأجر الصدقة” (رواه الطبراني في الأوسط، ورواه البزار بنحوه، وفيه حجاج بن نصر وثقه ابن حبان وغيره وفيه كلام، ورجال البزار رجال الصحيح، انظر مجمع الزوائد: 116/3 وهو أيضًا في صحيح ابن حبان. (انظر الروض النضير: 422/2). وقد ذكرنا أن ترك الاستفصال في مقام الاحتمال ينزل بمنزلة العموم في المقال، كما حقق علماء الأصول.

أما قولهم: إنه بالدفع يجلب إلى نفسه نفعًا، ويسقط عن نفسه فرضًا فهذا حق بالنسبة إلى الزوجة والأولاد والوالدين؛ لأن المنافع بينهم متصلة وهم شركاؤه في ماله، ونفقتهم واجبة عليه وجوبًا بيَّنًا بالكتاب والسنة.
أما بقية الأقارب، فالذي أختاره: أن نفقتهم إنما تلزم القريب إذا لم يكن هناك في مال المسلمين ما يغنيهم: من الزكاة والفيء والخُمس وسائر موارد بيت المال الأخرى، فهنا يُلزم القريب الموسر بالنفقة، ولا يدع قريبه يهلك جوعًا وعريًا. وكذلك إذا لم توجد الحكومة التي تجمع الزكاة، وتقوم بكفالة العيش للفقراء، فإن على القريب الغني أن يكفي قريبه الفقير، ولا يتركه فريسة للعوز والحاجة، ولا حرج عليه أن تتحقق هذه الكفاية كلها أو بعضها مما وجب عليه من زكاة.
لأن الواجب هو كفاية القريب، وسد حاجته، وتفريج كربته، صلة لرحمه، ووفاء بحقه، ولم يرد ما يمنع أن تكون الزكاة من موارد هذه الكفاية. كيف ولو كانت الحكومة هي التي تجبيها لتولت هي الإنفاق على هؤلاء الفقراء من مال الزكاة وغيرها؟ فكأن الفرد المسلم في هذه الحالة نائب عن الإمام أو الدولة في الإنفاق على أقاربه وكفايتهم، من الزكاة التي كان الأصل أن تتولى جمعها وتفريقها عليهم.
على أن من العلماء من لم ير تعارضًا بين لزوم نفقة القريب وإعطائه من الزكاة، فقالوا بوجوب النفقة للأقارب بشروط خاصة، ومع هذا أجازوا دفع الزكاة إليهم.

وهذا مذهب أبي حنيفة وأصحابه، فقد رأوا أن لزوم النفقة لا يمنع إعطاء الزكاة، وإنما المانع هو اتصال منافع الأملاك بين المؤدي والمؤدى إليه، فلا يتحقق التمليك الذي هو عندهم ركن الزكاة، ويكون المزكي كأنما دفع إلى نفسه قالوا: وهذا لا يتحقق إلا بين الإنسان وأولاده، وآبائه وأمهاته، ولهذا لا تجوز شهادة بعضهم لبعض بخلاف بقية الأقارب؛ فالدفع إليهم يتحقق به التمليك؛ لانقطاع منافع الأملاك بينهم، ولهذا تجوز شهادة بعضهم لبعض (انظر: بدائع الصنائع: 49/2 – 50).
وقال صاحب “الروض النضير” من متأخري الزيدية: “وما ذكروه من التعليل بأن فيه إسقاط ما يلزمه من النفقة المستقبلة، فمع كونه فاسد الاعتبار (لمصادمته الأحاديث التي رغبت في الصدقة على الأقارب) للمانع أن يقول: “صرفه للواجب في القريب لم يسقط شيئًا قد لزمه؛ لأن نفقة القريب إنما تجب وقتًا فوقتًا” (الروض النضير: 423/2).
وقال الشوكاني: الأصل عدم المانع، فمن زعم أن القرابة أو وجوب النفقة مانعان، فعليه الدليل، ولا دليل (نيل الأوطار: 189/4). انتهى.

وقد ناقش المشاركون في الندوة التي عقدها بيت الزكاة الكويتي البحوث المقدمة في موضوع مصرف الفقراء والمساكين وانتهوا إلى ما يلي :
أولاً : الفقير هو الذي لا مال له ولا كسب يقع موقعاً من كفايته ، والمسكين هو الذي يملك ما يقع موقعاً من كفايته ولا يكفيه لمدة سنة .
ثانياً : يعطى من سهم الفقراء والمساكين ما يلي :
من كان بحاجة إلى الزواج وهو عاجز عن تكاليفه المعتادة لمثله
طالب العلم العاجز عن الجمع بين طلب العلم والتكسب .
العاجزون عن التكسب .
من لم يجد عملاً يليق بمكانته ومروءته .
العاملون في وظائف عامة أو خاصة ممن لا تكفي دخولهم من مرتبات أو غيرها لسد حاجاتهم.
آل البيت الذي لا يعطون كفايتهم من بيت المال .
الزوج الذي لا يملك كفايته ولا يقدر على تحصيلها ، فيجوز لزوجته أن تعطيه من زكاة مالها
ثالثاً : لا يخرج عن وصف الفقر أو المسكنة من تحقق فيه المعنى المتقدم في ( أولاً) من يلي :
من له مسكن ملائم يحتاج إليه فلا يكلف بيعه للإنفاق منه .
من له مال لا يقدر على الانتفاع به ، ولا يتمكن من الحصول عليه .
من له نصاب أو نصب لا تفي بحوائجه وحوائج من يعولهم .
من له عقار يدر عليه ريعاً لا يفي بحاجته .
من لها حلي تتزين بها ولا تزيد عن حوائج مثلها عادة .
من له أدوات حرفة يحتاج إلى استعمالها في صنعته ولا يكفي كسبه منها ولا من غيرها حاجته.
من كانت لديه كتب علم يحتاج إليها سواء أكانت كتب علوم شرعية أم كانت كتب علوم أخرى نافعة .
من كان عليه دين لا يستطيع تحصيله لكونه مؤجلاً أو على مدين مفلس أو مماطل .
رابعـاً : يعطى الفقير والمسكين كفايته لمدة عام .
خامساً : يقصد بالكفاية كل ما يحتاج إليه هو ومن يعولهم من مطعم وملبس ومسكن وأثاث وعلاج وتعليم أولاده وكتب علم إن كان ذلك لازماً لأمثاله وكل ما يليق به عادة من غير إسراف ولا تقتير .
سادساً : مراعاة حاجات المسلم بلا تفريق بين فقير وفقير باعتبار جنسيته .
سابعاً : نظراً لشيوع ادعاء الفقر والمسكنة ينبغي التحري في حالة الاشتباه قبل الإعطاء ويراعى في ذلك وسائل الإثبات الشرعية .
ثامناً : لا يعطى من سهم الفقراء والمساكين من يلي :
الأغنياء وهم من يملكون كفايتهم وكفاية من يعولونهم لمدة سنة .
الأقوياء المكتسبون الذين يقدرون على تحقيق كفايتهم وكفاية من يعولونهم .
آل البيت الذين يعطون كفايتهم من بيت المال.