الخشوع ليس ركنا في الصلاة عند الجمهور ، ولكنه مستحب ، فإذا فات فلا تبطل الصلاة ولا تجب إعادتها ، وعند بعض الفقهاء أنه ركن ، وإذا فات بطلت الصلاة ووجبت إعادتها ، فيجوز إعادة الصلاة إذا كانت من غير خشوع ، لأن الخشوع هو روح الصلاة ، والظاهر اتفاقهم على جواز أو استحباب إعادتها ، خروجا من الخلاف، ولتحصيل الثواب الذي لا يحصل بغير الخشوع.

جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية :

اختلف الفقهاء في حكم الخشوع في الصلاة هل هو فرض من فرائض الصلاة، أو من فضائلها ومكملاتها ؟ فذهب جمهور الفقهاء إلى أنه سنة من سنن الصلاة بدليل صحة صلاة من يفكر بأمر دنيوي إذ لم يقولوا ببطلانها إذا كان ضابطا أفعالها . وعليه فيسن للمصلي أن يخشع في كل صلاته بقلبه وبجوارحه وذلك بمراعاة ما يلي :

أ – أن لا يستحضر غير ما هو فيه من الصلاة .

ب – وأن يخشع بجوارحه، بأن لا يعبث بشيء من جسده كلحيته أو من غير جسده ، كتسوية ردائه أو عمامته ، بحيث يتصف ظاهره وباطنه بالخشوع ، ويستحضر أنه واقف بين يدي ملك الملوك الذي يعلم السر وأخفى يناجيه. وأن صلاته معروضة عليه .

ج – أن يتدبر القراءة لأنه بذلك يكمل مقصود الخشوع .

د – أن يفرغ قلبه عن الشواغل الأخرى، لأن هذا أعون على الخشوع ، ولا يسترسل مع حديث النفس .

قال ابن عابدين : واعلم أن حضور القلب فراغه من غير ما هو ملابس له . والأصل في طلب الخشوع في الصلاة قوله تعالى : { قد أفلح المؤمنون ، الذين هم في صلاتهم خاشعون } ، فسر علي رضي الله عنه الخشوع في الآية : بلين القلب وكف الجوارح ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم : { ما من مسلم يتوضأ فيحسن وضوءه ثم يقوم فيصلي ركعتين مقبل عليهما بقلبه ووجهه إلا وجبت له الجنة } ، وما روى أبو هريرة رضي الله عنه : { أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يعبث بلحيته في الصلاة فقالا : لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه } ، وما روى أبو ذر رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { إذا قام أحدكم إلى الصلاة فإن الرحمة تواجهه فلا يمسح الحصى } .

وإذا ترك المصلي الخشوع في صلاته ، فإن صلاته تكون صحيحة عند الجمهور ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم : لم يأمر العابث بلحيته بإعادة الصلاة مع أن الحديث يدل على انتفاء خشوعه في صلاته ، ولأن الصلاة لا تبطل بعمل القلب ولو طال ، إلا أنه ارتكب مكروها ولا يستحق الثواب ، لقوله صلى الله عليه وسلم : { ليس للعبد من صلاته إلا ما عقل } .

وذهب بعض فقهاء كل من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة إلى أن الخشوع لازم من لوازم الصلاة ، إلا أنهم اختلفوا فيه :

فقال بعضهم : إنه فرض من فرائض الصلاة ولكن لا تبطل الصلاة بتركه لأنه معفو عنه .

وقال آخرون : إنه فرض تبطل الصلاة بتركه كسائر الفروض .

وقال بعض آخر منهم : إن الخشوع شرط لصحة الصلاة لكنه في جزء منها فيشترط في هذا القول حصول الخشوع في جزء من الصلاة وإن انتفى في الباقي، وبعض أصحاب هذا القول حدد الجزء الذي يجب أن يقع فيه الخشوع من الصلاة، فقال : ينبغي أن يكون عند تكبيرة الإحرام.

وذكر القرطبي أنه قد يكون الخشوع مذموما، وهو المتكلف أمام الناس بمطأطأة الرأس والتباكي كما يفعله الجهال، ليظهروا بعين البر والإجلال، وذلك خدع من الشيطان وتسويل من نفس الإنسان.