ذبح الأضحية أفضل من التصدق بثمنها ، وذلك لأن الصدقة أخف مئونة ، ولما في الأضحية من المشقة من حيث شرائها والعناية بها وحفظها إلى أن يذبحها ولما في ذبحها وتوزيع بعضها من العناء والتعب فالمسلم له الأجر والثواب على كل ذلك إن أخلص نيته لله تعالى .

يقول الشيخ حسنين مخلوف حول موضوع أيهما أفضل التصدق بثمن الأضحية أم ذبحها ما يلي:ـ
-ذبح الأضحيات من القربات المشروعة في أيام النحر ويندب التصدق منها على الفقراء عند مالك.‏
-وعند الحنفية ما لم يكن المضحى ذا عيال يحتاج للتوسعة عليهم .‏
-ويجب إطعام الفقراء والمساكين منها عند الشافعية وقدّره بعضهم بالثلثين والأفضل عندهم إعطاؤها كلها لهم فهي من باب توسعة وبر ووسيلة تيسير غذاء الفقراء باللحوم في هذا العيد .‏

-أما التصدق بالثمن على الفقراء فمذهب الحنفية وظاهر مذهب الشافعية أنه لا يجزئ عن الأضحية لأن المقصود من شرعها التعبد بإراقة الدم وإطعام الفقراء باللحم الذي حرموه أكثر أيام العام .‏
-والمشهور الراجح في مذهب مالك وهو المروىّ عن أحمد وجماعة من العلماء أن التضحية أفضل من التصدق بالثمن .‏
-وهناك رواية ضعيفة عن مالك أن التصدق بالثمن أفضل كما في شرح الموطأ وغيره من كتب المذهب .‏
-وأما التصدق بما يوازى الثمن من صدقات أخرى فلم يقل به أحد من الأئمة .‏
والذي نراه الأخذ بقول الجمهور عدم جواز استبدال الصدقة بالأضحية؛ والصدقة لا تجزئ عن الأضحية لقوة دليله وضعف الرواية المذكورة عن مالك .‏
ولأن فتح باب التصدق بأثمان الأضاحي سيؤدى حتمًا على توالى الأيام إلى ترك الناس هذه الشعيرة الدينية والإخلال بالتعبد بها وبالتأسي برسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في فعلها والإخلال بحكمة تشريعها كما سيؤدى في المستقبل وفى الظروف العادية إلى كساد أثمان الأضاحي كسادًا فاحشًا يضر المنتجين وكثيرًا من التجار .‏

ويقول الدكتور حسام الدين موسى عفانه أستاذ مشارك كلية الدعوة و أصول الدين ـ جامعة القدس ـ فلسطين:

إن الأضحية شعيرة من شعائر الله وسنة مؤكدة من سنن المصطفى – صلى الله عليه وسلم – .
والمطلوب من المسلم أن يعظم شعائر الله وأن يقتدي برسول الله – صلى الله عليه وسلم- كما قال تعالى :( ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ) سورة الحج الآية 32 .

وقال تعالى :( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ) سورة الأحزاب الآية 21 .

لذا كانت الأضحية أفضل من التصدق بثمنها كما هو مذهب جمهور أهل العلم بما فيهم أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وربيعة وأبو الزناد وشيخ الإسلام ابن تيمية وغيرهم .

روى عبد الرزاق بإسناده عن سعيد بن المسيب قال (لأن أضحي بشاة أحب إليَّ من أن أتصدق بمائة درهم )

قال الحافظ ابن عبد البر :( الضحية عندنا أفضل من الصدقة ) وذكر أن هذا هو الصحيح من مذهب مالك وأصحابه .

وقال ابن قدامة :( والأضحية أفضل من الصدقة بقيمتها نص عليه أحمد ) .

ونقل عن جماعة من أهل العلم أن التصدق بقيمة الأضحية أفضل فروي عن بلال – رضي الله عنه – قال :( ما أبالي أن لا أضحي إلا بديك ولأن أضعها في يتيم قد ترب فوه أحبُ إليَّ من أن أضحي ) وبهذا قال الشعبي وأبو ثور .

والقول الأول هو الراجح ، لأن النبي – صلى الله عليه وسلم– ضحى والخلفاء من بعده ولو علموا أن الصدقة أفضل من الأضحية لعدلوا إليها .

ولأن إيثار الصدقة على الأضحية يفضي إلى ترك سنة سنها رسول الله – صلى الله عليه وسلم- ولأن فضل الأضحية لا يخفى وما يترتب عليها من منافع شيء عظيم .

قال الحافظ ابن عبد البر :( الضحية عندنا أفضل من الصدقة لأن الأضحية سنة مؤكدة كصلاة العيد ومعلوم أن صلاة العيد أفضل من سائر النوافل وكذلك صلوات السنن أفضل من التطوع كله ) .

وقال الإمام النووي : ( مذهبنا أن الأضحية أفضل من صدقة التطوع للأحاديث الصحيحة المشهورة في فضل الأضحية ولأنها مختلف في وجوبها بخلاف صدقة التطوع، ولأن الأضحية شعار ظاهر ) .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية :( والأضحية والعقيقة والهدي أفضل من الصدقة بثمن ذلك فإذا كان معه مال يريد التقرب إلى الله كان له أن يضحي به والأكل من الأضحية أفضل من الصدقة ) .