تشييع النساء للجنازة ورد فيه حديث البخاري ومسلم عن أمّ عطية قالت: نُهينَا أن نتبع الجنائز ولم يعزم علينا، أي لم يؤكّد المنع، فكأنّها قالت: كرهَ لنا اتباع الجنائز من غَير تحريم، كما ذكره ابن حجر في ” فتح الباري“.

فالنهي للتنزيه وبه قال جمهور العلماء، ومال مالك إلى الجواز وهو قول أهل المدينة كما ذكره القرطبي.

ويدلُّ على الجواز ما رواه ابن أبي شيبة أن الرسول ـ صلّى الله عليه وسلم ـ كان في جنازة ورأى عمر امرأة فصاح بها فقال:” دَعْها يا عمر فإن العين دامِعة، والنفس مُصابة والعهد قريب” وإسناد هذا الحديث صحيح.

والأحاديث التي نهت عن اتباعهِنّ الجنازة ضعيفة والمنهي عنه هو ارتكاب ما يخالِف الدين مما جاء في الحديث الصحيح:” ليس منّا من لطم الخدود وشقّ الجيوب ودعا بدعوى الجاهليّة”.

وإذا حدث من النساء منكر من هذا وغيره وجب تغييره بالصورة التي جاءت في الحديث الصحيح:” مَن رأى منكم منكرًا فليغيِّره بيده، فإن لم يستطع فبلسانِه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان”.

وجاء في فتاوى الشيخ شلتوت (ص198) أن عمر بن الخطاب سمع ندبًا ونياحة فدخل مكان الصوت وأخذ الحاِضرين بدِرّتِه حتى بلغ النائحة فضربَها حتى سقط خِمارُها، وقال لمن معه:” اضرب فإنّها نائحة ولا حرمةَ لها، إنها لا تَبكي لشجوِكم، إنها تُريق دموعها على أخذ دراهمكم، وإنّها تؤذِي موتاكم في قبورِهم وأحياءكم في دورِهم، إنّها تنهى عن الصبر وقد أمر الله به، وتأمُر بالجزع وقد نهى الله عنه” .

ويُلاحظ أن عمر قام بهذا بحكم ولايته العامة وتمكُّنه من تغيير المنكر بيده، وعلى غيره من الناس أن يُراعيَ الأسلوب المناسب الذي لا يكون له رد فعل غير كريم.