روى مسلم أن النبيّ ـ صَلّى الله عليه وسلم ـ قال:” يُحشر الناس يوم القيامة على أرض بَيضاء عفراءَ، كقُرصة النَّقِيِّ ليس فيها علمٌ لأحد” والعفْراء غير ناصعة البياض، وقرصة النقي خبز مصنوع من دقيق أبيض، وقال تعالى:( يَوْمَ تُبَدَّل الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ والسَّمَواتُ وبَرَزُوا للهِ الواحِدِ القَهّار) (سورة إبراهيم : 48) .
بناء على ما ورد من نصوص حول هذا الموضوع قيل: إن أرض المحشر هي بيت المقدس بالشام، وذلك لحديث رواه البزار والطبراني بسند حسن عن سَمُرة بن جنْدَب أن النبي ـ ﷺ ـ كان يقول لنا:” إنّكم تُحشرون إلى بيت المَقدس ثم تجتمعون يوم القيامة” وهذه الأرض تبدّل بمقتضى الآية، إما ذاتًا وإما صفة، حيث تقضي حكمة الله أن يكون المحل الذي يقضي فيه بالحق والعدل طاهرًا من المعصية والظلم.
وقد قال المفسِّرون إنها تبدّل مرتين:
-إحداهما: في الدنيا قبل نفخة الصَّعق التي تفنى بها الدنيا فتموج الأرض وتنشق، ثم تعاد كما كانت فيها القبور.
-الثانية في الآخرة بعد النفخة الثانية عند القيام من القبور، حيث يكون الحشر إلى الأرض التي تقال لها” الساهرة” فيحاسب الناس عليها، وهي طاهرة نقيّة، قال تعالى:( ونُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَواتِ ومَنْ فِي الأرْضِ إلاّ مَنْ شَاءَ اللهَ ثُمّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظرونَ)(سورة الزمر : 68)وقال:(يَوْمَ تَرْجُفُ الرّاجِفةُ تَتْبَعُها الرّادِفةُ قُلُوبٌ يَومَئِذٍ واجِفةٌ أبْصارُها خاشِعَةٌ يَقولونَ أئِنَّا لَمَرْدُودونَ فِي الحَافِرةِ أَئِذَا كُنَّا عِظامًا نَخِرَةً قَالُوا تِلْكَ إذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ فإنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ فَإِذَا هُمْ بالسَّاهِرَةِ) (سورة النازعات : 6 ـ 14) .
هذا ما يمكن أن يقال من الربط بين فلسطين وأرض المحشر يوم القيامة، أمّا الربط بينهما وبين ما يدّعيه الأعداء في الدنيا فلا يستند إلى دليل مقبول، والله سبحانه رقيب حسيب. ولا يُورث الله أيَّ أرض في الدنيا والآخرة إلا الصالحين من عباده، وأرجو أن نهتمَّ بما نحاسب عليه يوم القيامة من أعمال، ولتكن ما تكون الأرض التي سنحاسب عليها، فملك الله واسع وهو على كل شيء قدير.