إذا خرجت المرأة من بيتها وكان هناك أحدٌ أجنبي عنها وَجَبَ عليها أن تَسْتُر ما أمر الله بستره بملابس سابغة ليست محدَّدة ولا شفافة، وأن تبتعد عن الزينة اللافتة للنظر، وعن العطور النَّفَّاذة، وأن تلتزم الأدب في مشيها وكلامها وفي كل أحوالها، كما نصَّت عليه الآيات والأحاديث.
والمُقَصِّرة في ذلك تُسيء إلى نفسها بالتعرُّض لها أو التحرُّش بها، وتُسيء إلى أسرتها وتُسيء أيضًا إلى المجتمع كلِّه، والحديث الذي رواه البخاري ومسلم يقول: “ما تركت بعدي فتنةً أَضَرُّ على الرجال من النساء” .

وعلى المسئولين من الآباء والأزواج بالذات أن يراقبوا ذلك منعًا للضرر وحفاظًا على الشرف، فالله يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَة) (سورة التحريم : 6) والنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول في الحديث المُتفق عليه “والرجل راعٍ في أهله ومسئول عن رعيته”.

وإذا كان على الرجال أن يُراعوا أمر الله من الحِفاظ على الشَّرف والحُرُمَات فكذلك على النساء أن يُراعِين ذلك. فعندما قال عن الرجال (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ) (سورة النور : 30) قال عن النساء: (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلا لِبُعُولَتِهِنَّ…) (سورة النور : 31).
وإذا كانت القوانين الوضعية ـ كالقوانين الدينية ـ تُحَرِّم الاغتصاب فعليها أيضًا أن تُحَرِّم الخروج على الآداب من الطرف الآخر، ليتعاون الجميع على تحقيق الغرض من التشريع. ورحم الله مصطفى صادق الرافعي الذي قال: إذا عاقبت الفتى مرة فإني أعاقب الفتاة مرتين؛ لأنها كشفت اللَّحم للقط.
إن الإصلاح لا يكون من طرف واحد، بل لابد من تعاون كلِّ الأطراف، وعدم المبالاة والسكوت على الباطل يأباهما الدين، والله يقول: (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّة) (سورة الأنفال: 25).