الإمام أحمد أحد الأئمة الأعلام ،الذين كان لهم اليد الطولى في خدمة الإسلام،عاش حياته لله ،مدافعا عن دينه،معتصما بربه،لم يهب التعذيب والاضطهاد،بل ظل متمسكا بالحق،حتى أظهر الله على يديه الحق ،وهذه ترجمته من معجم الأعلام المختارة
أحمد بن حنبل :
أبو عبد الله ، أحمد بن محمد بن حنبل ، الذهلي ، الشيباني ، المروزي ، ثم البغدادي.

ولد ببغداد ، سنة أربع وستين ومائة ، ورُبِّيَ يتيماً ، وطلب العلم وهو ابن خمس عشرة سنة ، وسافر في سبيله أسفارا طويلة ، وكثيرة..

كان ـ رحمه الله ـ يحفظ ألف ألف حديث ، بما فيها المكرر ، والأثر ، وفتوى التابعين ، وما فسِّر ، ونحو ذلك.

قال إبراهيم الحلابي : رأيت أبا عبد الله ، كأن الله جمع له علم الأولين والآخرين.

وقال الشافعي : خرجتُ من بغداد فما خلفتُ بها رجلا أفضل ، ولا أعلم ، ولا أفقه ، ولا أتقى من أحمد بن حنبل.

ومناقبه ـ رحمه الله ـ في الزهد ، والعبادة ، والأخلاق الكريمة كثيرة جدا ، روي عنه قوله : ما كتبت حديثا إلا وقد عملتُ به ، حتى مرَّ بي أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وأعطى أبا طيبة دينارا ، فأعطيت الحجام دينارا حين احتجمتُ.

وكان ـ رحمه الله ـ فقيرا ، مائلا إلى الفقراء ، مقصرا عن أهل الدنيا ، وفيه حلم ، ولم يكن بالعَجول ، كثير التواضع ، تعلوه السكينة والوقار ، شديد الحياء ، لا يتكلم حتى يُسأَل..

كان يجتمع في مجلسه زهاء خمسة آلاف أو يزيدون ، نحو خمسمائة يكتبون ، والباقون يتعلمون منه حسن الأدب والسَّمت .

قال الذهبي : والله ، لقد بلغ في الفقه خاصة رتبة الليث ومالك والشافعي ، وأبي يوسف ، وفي الزهد والورع رتبة الفضيل ، وإبراهيم بن أدهم ، وفي الحفظ رتبة شعبة ، ويحيى القطان ، وابن المديني..

وهو أحد الأئمة الأعلام ، ورابع الفقهاء الأربعة المجتهدين الذين بقيت مذاهبهم متبوعة لدى أهل السنة إلى يومنا هذا ، وإليه ينسب المذهب الحنبلي.

جمع ( المسند ) وانتقاه من أكثر من سبع مائة ألف وخمسين ألفا ، وله أيضا ( نفي التشبيه ) ، و ( الرد على الزنادقة ) ، و(الزهد ) ، و(فضائل الصحابة) ، وغير ذلك..

امتُحِن ـ رحمه الله ـ في مسألة ( خلق القرآن ) فسُجن أزيد من عامين ، وجُلِد ، وضُرب ، فأخذ بالعزيمة ، وصبر واحتسب ، فأعزَّ الله عزوجل به السُّنَّة وأهلها ، وقصة محنته طويلة تحوي دروساً وعبَراً كثيرة.

له من الذرية : صالح ، وعبد الله ، وسعيد ، وحسن ، ومحمد ، وزينب.

مرض ـ رحمه الله ـ تسعة أيام ، وقبض صدر نهار يوم الخميس لاثنتي عشرة خلت من ربيع الأول ، وشهد الجنازة جمع غفير ، قيل : لم يبلغ أن جمعاً في الجاهلية ولا الإسلام مثله.

مناقبه ، ومواقفه ، وسيرته تحوي دروساً عظيمة ، فاهتم بها جمع من العلماء المتقدمين والمعاصرين ، وأفردوها بالتأليف والجمع ، منها : ( مناقب الإمام أحمد بن حنبل ) لأبي الفرج ابن الجوزي ، وكتاب ( ابن حنبل ) لأبي زهرة ، و( شيخ الأمة أحمد بن حنبل ) عبد العزيز سيد الأهدل.