الصلاة في اللغة معناها الدعاء ومنه قوله تعالي (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ) أي ادْعُ لهم بالبركة والنماء عند أخذ الزكاة وهي في الشرع أقوال وأفعال مُفْتَتَحة بالتكبير مختتمة بالتسليم. فالصلاة التي نُصلِّيها فيها إلى جانب الأفعال كالركوع والسجود أقوال كقراءة الفاتحة والتشهد والتسبيح والتكبير والدعاء في السجود وغيره، فهناك علاقة وثيقة بين الدعاء والصلاة؛ لأنها مناجاة لله مع حركات تشهد بالإخلاص في هذه المناجاة”.

وقد بيَّن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ الصلاة بما فيها من أقوال وأفعال، بيَّنها بفعله، وبقوله، وقال” صَلُّوا كما رأيتموني أصلِّي” رواه البخاري، ونُظِّم الدعاء والذكر وجُعل له مواطن هو أولى وأجدر بها، وكُتُب السنة مملوءة بما كان يقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في كل ركن من أركان الصلاة. وفي السجود بالذات حثَّ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على كثرة الدعاء، وقال في سبب ذلك كما رواه مسلم ” أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا من الدعاء

لكن هل هناك دعاء في غير السجود؟
نعم هناك دعاء الاستفتاح بعد تكبيرة الإحرام وصحَّ مِنه: اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدتَ بين المشرق والمغرب، اللهم نقِّني من خطاياي كما يُنقَّى الثوب الأبيض من الدَّنَس.

وفي الركوع ثبت أن النبي كان يقول “سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي” رواه البخاري ومسلم.

وفي الاعتدال من الركوع دعاء هو قنوت الصبح وقنوت الوتر.

وفي الجلوس بين السجدتين كان يقول “ربِّ اغفرْ لي وارحمني واجْبُرني وارزقني واهدني وعافني” رواه البيهقي.

وبعد التشهد الأخير ثبت أنه كان يقول” اللهم إني ظلمتُ نفسي ظلمًا كثيرًا كبيرًا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمْني إنك أنت الغفور الرحيم” رواه البخاري ومسلم، وهناك أدعية أخرى غير ذلك كتاب الأذكار للنووي.
فالصلاة مِن أوَّلها إلى آخرها محلٌّ للدعاء، وأوْلى بالدعاء المواطن التي بيَّنها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كما سبق، وقد ثَبَتَ أنه في صلاة طويلة كان يقرأ القرآن، فإذا مرَّ بآية فيها تسبيح سبَّح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوُّذ تعوَّذ، ومع ذلك دعا الله في أي مكان فصلاته لا تَبْطُل غير أننا ننبِّه إلى أن بعض الفقهاء قال: إن الصلاة تَبْطُل لو دعا الإنسان بما يُشبه كلام الناس، مثل اللهم زوِّجْني فلانه، فالأولى أن يكون بغير ذلك، سواء أكان مأثورًا عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أم غير مأثور مع مراعاة الخشوع في الصلاة كلِّها، فهو أرْجَى لقَبُولها وقبول ما فيها من دعاء.