ليس للهواجس التي يتخيلها المسلم أثر في قدر الله تعالى ، لأن الأقدار المكتوبة تنزل بقدرها وقت ما يقدرها الله تعالى ،هذه إن كانت من قدر الله الخالص ، وليس للإنسان فيها كسب ، أما إن كانت من كسب الإنسان ، فهو المسئول عنها ، وإنما يحدث من باب الصدفة أن يفكر الإنسان في شيء فيقع ، وهذا يعني أنه لا ارتباط إطلاقا بين تفكير الإنسان وما يحدث وبين قدر الله تعالى ، وإنما هو ظن في عقله.

يقول الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي في مسألة القضاء :
كل ما في الكون مكتوب مسجل . فهذا معلوم من الدين بالضرورة ولا شك فيه، وإن كنا لا نعلم كيفية الكتابة، وماهية الكتاب، وكل الذي نعلمه أن الله تعالى قد أبدع هذا الكون بأرضه وسمائه، وجماداته وأحيائه، على وفق تقدير أزلي عنده، وأنه أحاط بكل شيء علمًا، وأحصى كل شيء عددًا، وأن كل ما يحدث في هذا الكون العريض يحدث وفق علمه وإرادته (ولا يعزب عن ربك مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء، ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين) (سورة يونس: 61) (وما تسقط من ورقة إلا يعلمها، ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين) (سورة الأنعام: 59)، (ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها، إن ذلك على الله يسير). (سورة الحديد: 22). انتهى

والعلاج لطرد الوساوس والهواجس هو أن يعلم الإنسان أنه لا يحدث في كون الله إلا ما أراد ، وأن ما يقع للإنسان من كسبه هو المسئول عنه، وإن كان لا يخفي على الله تعالى شيء من أفعال العباد ، غير أنه لا يجبرهم على فعل خير أوفعل شر، قال تعالى :”من عمل صالحا فلنفسه ، ومن أساء فعليها “.
كما أن مجرد التفكير في شيء لا يؤثر على حياة الناس، وإلا فنحن ندعو كل مسلم يظن أن الهواجس لها أثر في حياته أن يفكر في نصرة المسلمين على أعدائهم.
إن الله تعالى ارتضى للناس قانون السببية في حياتهم ،ليعلموا أن النتيجة مرتبطة بالعمل ، وقد أعلمنا الله تعالى ذلك في كتابه ، سواء أتعلق الأمر بالدنيا أم بالآخرة.
ووعد الله تعالى كل من عمل صالحا أن يجد نتيجة عمله ، فأخبر عن نفسه سبحانه “أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى”.
ثم إن الإنسان قد يعجب بكل تفكير له في نفسه ، فيرى أنه صواب، ولو سال غيره ، لوجد أن النظرة التي نظر بها للموضوع تختلف عن غيره ، وربما كان هو مخطئا في تفكيره، فليس كل ما يرد على ذهن الإنسان صحيحا.
والإسلام ليس دين الخيالات ، بل هو دين واقعي ، يطلب من المسلمين السعي في الأرض:” فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه“.
فعلى المسلم أن يعيش واقعه ، وأن يربط الأمور بأسبابها ، ويبتعد من الخيالات والتهيؤات ، فإنها لا تسمن ولا تغني من جوع.