يتخذ بعض المسلمين أحاديث الغيبيات ذريعة لترك العمل والجنوح للتخاذل والتثبيط، وهذا يجعله يسوف الإحساس بالواقع، ويتقنع بأغطية الوهم ، والمنهج الأحرى بالعمل أن على المسلم أن يعيش واقعه وألا يتخاذل أو يضعف بل عليه أن يأخذ بأسباب التفوق والريادة.
يقول سماحة المستشار فيصل مولوي نائب رئيس المجلس الأوربي للبحوث -رحمه الله تعالى-:
ليس صحيحًا أن الأمر معروف مسبقًا عند الناس. بل هو يقينًا غير معروف، والذي يعلمه هو الله عز وجل وحده، وهو لم يطلع أحدًا من الناس على علمه. ولذلك فالناس مطالبون بالعمل وفق اجتهادهم، ولا علاقة لهم بقدر الله عز وجل أو علمه. ومن ادعى أنه لم يعمل صالحًا؛ لأن الله قدّر عليه ذلك إنسان كاذب؛ لأنه لا يعرف قدر الله عز وجل. وكان بإمكانه لو عمل عملاً صالحًا أن يقول إنه عمله لأن الله قدر ذلك عليه.
وفي الحالتين فإنه قام بالعمل الذي اختاره بمحض إرادته، وهو يتحمل مسؤولية هذا الاختيار، وإن كان ذلك قد جاء متوافقًا مع علم الله وقدره، وليس ذلك لأن الله سبحانه ألزمه بعمل معين حتى يتوافق مع قدره، ولكن عمله كان متوافقًا مع العلم الإلهي؛ لأن من صفات هذا العلم أن الأمور تنكشف له قبل وقوعها، بخلاف العلم البشري الذي لا يعرف الأمر إلا بعد وقوعه.
لذلك، فالمسلم يؤمن بالغيب، ويؤمن أنه لا يعلم من أمور الغيب إلا ما علمنا الله عز وجل في قرآنه الكريم أو على لسان رسوله ﷺ. وأن هذه الغيبيات لا علاقة لها بالعمل. فالغيبيات مطلوب من المسلم أن يؤمن بها إن صحّت.
أما العمل فهو الالتزام بأمر الله عز وجل وبأمر رسوله ﷺ، وهذه مسألة لا علاقة لها بالغيب أصلاً، وهي واجب المسلم. والله عز وجل يذكر دائمًا الإيمان والعمل الصالح؛ لأن الإيمان يعبّر عن العقيدة في القلب. أما العمل فهو الترجمة الأمينة لهذه العقيدة عن طريق الالتزام بالشريعة التي شرعها الله عز وجل لنا والتي تشمل كل أنواع العمل الصالح.