إن الأسرة المسلمة تعد كيانًا له أصالته في بناء المجتمع، وإذا صلحت الأسرة صلح المجتمع، وإذا فسدت فسد المجتمع، وإن الله جلت قدرته جعل بين الزوجين مودة ورحمة، وجعل ثمار هذا الزواج الذرية التي تنطلق في الأرض للإصلاح والتعمير.

فعندما ينفصل الزوجان عن بعضهما بالطلاق، الرجل يبحث عن امرأة أخرى يتزوجها، وكذلك المرأة، والضحية تكون الأبناء؛ لأنهم يضيعون ويشردون، لا يجدون حضنًا دافئًا يحميهم ولا راعيًا يرعاهم، فينطلقوا في الشوارع، وبعضهم يفسد في التعليم لعدم المتابعة، فيضل الأبناء ويعيشون عالة على المجتمع المسلم، ويتحمل مسئولية ذلك الأب والأم اللذان يعيش كل منهما في بيت.

ونتغلب على ذلك بأن يتعامل كل من الزوجين مع الآخر بالمنهج الإسلامي الذي ارتضاه الله للزوجين، وعلى سبيل المثال عندما تخرج المرأة عن طاعة الرجل، فإن الإسلام يرشد الرجل إلى أن يعالجها، يوجه لها نصيحة للعقل ثم يردعها بعلاج نفسي في المضجع، ثم يضربها إن لم ترتدع؛ وصدق الله إذ يقول “واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا”، ثم بعد ذلك يلتجئ الزوجان للحكمين للإصلاح، وهذا باب من أبواب التغلب على الفساد الأسري.

والقول في طلاقها أو إمساكها، يتوقف على المصالح والمفاسد التي تنتج عن ذلك، ويختلف باختلاف حال الزوج وحال أولاده إن وجدوا، وعلى الزوج أن يفكر في ذلك مليا، وأن يستشير من أهل الصلاح والرشد من يعرف حاله معرفة جيدة ليشير عليه بما ينفعه.

هل الزوجة ملزمة في طاعة زوجها:

الواجب على كل من الزوجين معاملة الآخر بالمعروف.

-قال تعالى: ( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ) النساء/19.

-وقال تعالى : ( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) البقرة/228.

-وقَالَ النَّبِيُّ : ” لَوْ كُنْت آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لأَحَدٍ , لأَمَرْت النِّسَاءَ أَنْ يَسْجُدْنَ لأَزْوَاجِهِنَّ ; لِمَا جَعَلَ اللَّهُ لَهُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ الْحَقِّ ” رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وصححه الألباني في صحيح أبي داود.

-وقال : “إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحصنت فرجها، وأطاعت زوجها قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت” رواه ابن حبان، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 660.

ما حكم الصبر وحسن العشرة بين الزوجين:

الصبر وكظم الغيظ والعفو عن المسيء، لا يعني الذل والضعف، والفرق بين المقامين لا يخفى على كثير من الناس، فينبغي أن ترى الزوجة من زوجها قدرته على فراقها والاستغناء عنها، وعلى مقابلة السيئة بالسيئة، إلا أنه يدع ذلك لله تعالى رغبة فيما عنده من الأجر. فسكوته ليس سكوت العاجز، وتمسكه بها ليس تمسك الضعيف، وهذا ينبغي أن يصحبه الوصية بتقوى الله تعالى، والحذر من اتباع خطوات الشيطان الحريص على التفريق والإفساد، فيقول الزوج لزوجته: اتقي الله تعالى، ولا تكوني عونا للشيطان علي، فربما فارقتُ حلمي فرددت إساءتك بمثلها، وربما خرجتِ دون إذني فدعاني ذلك إلى تركك بالكلية، ونحو هذا الكلام الذي تعلم منه الزوجة أن الزوج قادر على تنفيذ ما يتكلم به، لولا حرصه على زوجته وعلى بيته وأسرته.

ومن يختار الإمساك والصبر على الزوجة فهو مأجور إن شاء الله، قال الله تعالى: “فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا” النساء/ 19، ولن يجني الزوج من الصبر إلا خيرا، فإن الله تعالى مع الصابرين، وقد وعدهم بأحسن الجزاء، مع حسن العاقبة.

-قال تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ” البقرة/153.

-وقال سبحانه: “إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ” الزمر/10.

-وقال تعالى: “فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ” هود/49.

-وقال تعالى: “إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ” يوسف/90.