الثابت الصحيح عن رسول الله ﷺ أنه كان يصلي التراويح ثمان ركعات غير الوتر، وكان يطيل القراءة فيها، وقد زاد الصحابة عدد الركعات وخففوا القراءة، ولا ضير بأن نصلي بأي عدد، والعبرة بالخشوع لا بعدد الركعات.
كم عدد ركعات صلاة الرسول لقيام الليل
يقول فضيلة الشيخ عطية صقر رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر:
روى البخاري وغيره عن السيدة عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن النبي ـ ﷺ ـ ما كان يَزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلِّى أربعًا فلا تَسأل عن حُسْنهن وطُولهن، ثم يصلِّى أربعًا فلا تَسأل عن حُسْنهن وطُولهن، ثم يصلِّي ثلاثًا.
وقولها: “يصلِّى أربعًا” لا يُنافِي أنه كان يُسلِّم من ركعتين، وذلك لقول النبي ـ ﷺ ـ: “صلاة الليل مَثْنَى مَثْنَى. وقولها ” يصلِّى ثلاثًا” معناه أنه يُوتِر بواحدة والركعتان شفْع. روى مسلم عن عروة عن السيدة عائشة قالت : كان رسول الله ـ ﷺ ـ يصلِّي من الليل إحدى عشرة ركعة، يُوتر منها بواحدة، وجاء في بعض الطرق لهذا الحديث: يُسلِّم من كل ركعتين.
وروى ابن حبان وابن خزيمة في صحيحيهما عن جابر ـ رضي الله عنه ـ أن النبي ـ ﷺ ـ صلَّى بهم ثماني ركَعات والوتر، ثم انتظَرُوه في القابلة فلم يَخرج إليهم.
هذا هو ما صَحَّ من فعْل النبي ـ ﷺ ـ ولم يَصح عنه شيء غير ذلك.
حكم صلاة التراويح عشرين ركعة
صَحَّ أن الناس كانوا يُصلُّون على عهد عمر وعثمان وعلي ـ رضي الله عنهم ـ عشرين ركعة، وهو رأي جمهور الفقهاء من الحنفية والحنابلة وداود. قال الترمذي : وأكثر أهل العلم على ما رُوِىَ عن عمر وعلي وغيرهما من أصحاب النبي ـ ﷺ ـ عشرين ركعة. وهو قول الثوري وابن المبارك والشافعي. وقال: هكذا أدْركتُ الناس بمكة يُصلُّون عشرين ركعة، وذَهَب مالك إلى أنها ست وثلاثون ركعة غير الوِتر.
قال الزرقاني في شرح المواهب اللدنية: وذَكَر ابن حبان أنَّ التراويح كانت أولاً إحدى عشرة ركعة، وكانوا يُطيلون القراءة، فثَقُل عليهم، فخفَّفوا القراءة وزادوا في عدد الركعات. فكانوا يُصلُّون عشرين ركعة غير الشفْع والوتْر بقراءة متوسطة. ثم خفَّفوا القراءة وجَعَلوا الركعات ستًّا وثلاثين غير الشفع والوتر. ومَضَى الأمر على ذلك.
هذا ، وقد قال الحافظ في الجمع بين الروايات: أن ذلك الاختلاف بحسب تطويل القراءة وتخفيفها، فحيث تُطوَّل القراءة تُقلَّل الركعات، وبالعكس. وبه جَزَم الداودي وغيره.
ثم ذَكَر الحافظ أن أهل المدينة كانوا يُصلُّونها ستًّا وثلاثين لمساواة أهل مكة، فإنهم كانوا يَطوفون سبعًا بين كل ترويحتَين، فجعل أهل المدينة مكان كل سبع أربع ركعات.
هل لصلاة التراويح عدد كعات معين
ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام ما يدل على التوسعة في صلاة الليل وعدم تحديد ركعات معينة، وأن السنة أن يُصلي المؤمن مثنى مثنى، يُسلم من كل اثنتين، ومن ذلك ما ثبت في الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي ﷺ قال: “صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدُكم الصبحَ صلى ركعةً واحدةً تُوتر له ما قد صلى”.
فقوله ﷺ: صلاة الليل مثنى مثنى خبر معناه الأمر، يعني: “صلُّوا في الليل مثنى مثنى”، ومعنى مثنى مثنى: يُسلِّم من كل اثنتين، ثم يختم بواحدةٍ، وهي الوتر.
قالت عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله ﷺ يصلي من الليل عشر ركعات، يُسلِّم من كل اثنتين، ثم يوتر بواحدةٍ وقالت رضي الله عنها: ما كان رسول الله ﷺ يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة، يُصلي أربعًا، فلا تسأل عن حسنهنََّ وطولهنَّ، ثم يصلي أربعًا، فلا تسأل عن حسنهنَّ وطولهنَّ، ثم يصلي ثلاثًا متفق عليه.
هل صلى النبي أكثر من أحد عشر ركعة في الليل
في قولها رضي الله عنها: “ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة” ما يدل على أن الأفضل في صلاة الليل في رمضان وفي غيره إحدى عشرة، يُسلِّم من كل اثنتين، ويُوتر بواحدةٍ، وثبت عنها رضي الله عنها وعن غيرها أيضًا أنه ربما صلَّى ثلاث عشرة ركعة عليه الصلاة والسلام.
فهذا أفضل ما ورد، وأصح ما ورد عنه عليه الصلاة والسلام الإيتار بثلاث عشرة أو إحدى عشرة ركعة، والأفضل إحدى عشرة، فإن أوتر بثلاث عشرة فهو أيضًا سنة وحسن، وهذا العدد أرفق بالناس، وأعون للإمام على الخشوع في ركوعه وسجوده وفي قراءته، وفي ترتيل القراءة وتدبرها، وعدم العجلة في كل شيء.