يخطأ المسلم في الحلف بالطلاق، فالحلف في الإسلام ليس بالطلاق، لم يجعل الطلاق ليكون يمينًا، إنما الحلف واليمين بالله عز وجل، ولهذا جاء في الحديث: ” من كان حالفًا فليحلف بالله أو ليذر ” فأما أن يجعل الطلاق يمينًا يحلف به فهذا شيء لم يرده الإسلام فإنما جعل الطلاق علاجًا للأسرة حين تتفكك الروابط بين الزوجين، ولا يجدي وعظ ولا هجر ولا تأديب ولا تدخل الحكمين في إصلاح ما بين رجل الأسرة وامرأته، حين ذلك، يلجأ إلى الطلاق باعتباره الوسيلة الأخيرة – أو آخر العلاج، فإن لم يكن وفاق ففراق، (وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته) (النساء: 130) .
أما جعل الطلاق يمينًا فهذا هو المحظور، وهو طرق، وإذا كان حرامًا، فهل يقع أو لا يقع ؟
اختلف الفقهاء من السلف في ذلك، وأكثر الفقهاء وخاصة الأئمة الأربعة يرون وقوع الطلاق بمثل هذا، ويرون وقوع الطلاق بالحلف، هذا هو المشهور في المذاهب، وخاصة عند المتأخرين.
وقال بعض الأئمة: إن الطلاق بمثل هذا لا يقع، لأن الله لم يشرع الطلاق بمثل هذه الألفاظ ولم يشرع الطلاق بمثل هذه الأيمان فإذا كان الطلاق يُراد منه الحمل على شيء أو المنع من شيء فقد خرج عن قصد الطلاق وعن طبيعة الطلاق وأصبح يمينًا، فاليمين بالطلاق يرى بعض الأئمة أنه لا يقع أبدًا ولا شيء فيه.
وبعضهم كالإمام ابن تيمية يرى أن فيه كفارة يمين إذا وقع، أي أنه بمثل هذه الحالة ناب الطلاق عن القسم بالله عز وجل، فإذا وقع ما حلف عليه كأن خرجت المرأة من البيت وزوجها حلف ألا تخرج، فإن عليه كفارة يمين، أي يطعم عشرة مساكين من أوسط ما يطعم أهله، فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام، أي إذا كان لابد من خروج المرأة ، تخرج، ويحنث، وعليه كفارة يمين على الأقل، لأنه خرج عن منهج الإسلام الصحيح، بهذا الحلف وبهذا اليمين، فعليه أن يستغفر الله، وأن يكفر، وأن يتوب إليه . فإنه أشبه بناذر المعصية فإنه لا ينعقد نذره وعليه كفارة يمين كما جاء في الحديث.