يقول فضيلة الشيخ إبراهيم جلهوم شيخ المسجد الزينبي بالقاهرة:
قال عطاء الخراساني نزلت هذه الآية في أبي بكر الصديق رضي الله عنه وقال الضحاك، شرب أبو بكر رضي الله عنه ذات يوم لبنًا على ظمأ فأعجبه، فسأل عنه فأخبر أنه من غير حل، فاسقتاءه، ورسول الله ﷺ ينظر إليه فقال ﷺ “رحمك الله لقد أنزلت فيك آية، وتلا عليه “ولمن خاف مقام ربه جنتان” (الآية 56 من سورة الرحمن).
وجاء عن ابن عباس رضي الله عنهما أن هذه الآية عامة في كل من خاف مقام ربه –أي خاف قيامه بين يدي الله عز وجل يوم القيامة، ونهى النفس عن الهوى، ولم يطع هواه ولا آثر الحياة الدنيا، وعلم أن الآخرة خير وأبقى، فأدى فرائض الله، واجتنب محارمه، فله يوم القيامة جنتان” وفي تفسير ابن كثير رحمه الله، وهذه الآية عامة في الإنس والجن فهي من أدل دليل على أن الجن يدخلون الجنة، إذا آمنوا واتقوا ولهذا امتن الله على الثقلين بهذا الجزاء فقال: “ولمن خاف مقام ربه جنتان، فبأي آلا ربكما تكذبان” (الآيتان 56، 57) من سورة الرحمن.
ومعنى خاف مقام ربه، خاف ورهب قيامه بين يدي ربه، يوم الدين يحاسبه ويسأله عما جنت يداه، فترك المعصية رهبة لجلال الحق وبطشه والتزم الطاعة رغبة فيما عنده سبحانه من نعيم مقيم، وقال مجاهد وإبراهيم النخعي: هو الرجل يهم بالمعصية فيذكر الله فيدعها من خوفه، وقال بعضهم خاف قيام ربه عليه، أي إشراف واطلاعه فهو تعالى شأنه، وعظم سلطانه، قائم على كل نفس بما كسبت.
وأما الجنتان قد جاء ذكرهما فيما جاء (عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: جنتان من فضة آنيتهما وما فيهما، وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما) أخرجه الجماعة إلا أبا داود قال المفسرون الجنتان في قوله تعالى: “ولمن خاف مقام ربه جنتان” جنتان من ذهب للمقربين وفي قوله (ومن دونهما جنتان) جنتان من ورق أي من فضة لأصحاب اليمين.
أدخلنا الله الجنة ووالدينا بغير حساب، ومتعنا بالنظر إلى وجهه الكريم.
والله تعالى أعلم.