صلاة الفجر لها وقتان ،وقت إسفار ووقت غلس ،وكلاهما صحيح، فلا يكون هناك داع إلى تصحيح أحدهما على الآخر بلا دليل ولا نص شرعي ،فمن صلى الفجر في وقت الغلس أو الإسفار ،فالصلاة صحيحة .
ووقت الغلس هو الوقت الذي يصلى فيه الفجر وما زال الليل باقيا ،ووقت الإسفار هو ما يكون فيه طرف النهار ظاهرا.

يقول فضيلة الدكتور نصر فريد واصل مفتي مصر السابق والأستاذ بجامعة الأزهر :
صلاة الفجر في عهد النبي كانت تتم في وقت الغلس بعد دخول وقتها وكان المسلمون يخرجون من الصلاة بعد أدائها ولا يزال الغلس باقيا والغلس يعني بقايا ظلام الليل.

وأنه ثبت عن النبي عليه السلام أنه صلى الصبح مرة بغلس وأخرى أسفر بها ثم كانت صلاته بعد ذلك التغليس حتى توفاه الله عليه السلام وذلك يدل على صحة الصلاة في الوقتين معا أي في وقت الغلس أو الإسفار وقد فعلها الرسول للتشريع والجواز، وأن كان قد داوم على صلاة الفجر في وقت التغليس لأنه أول وقت للفريضة وأن الأحاديث تدل على استحباب التغليس في صلاة الفجر وأنه أفضل من الإسفار بها وما رواه احمد بسنده عن أبي الربيع قال: كنت مع ابن عمر وقلت له: إني أصلى معك ثم الفت فلا أري وجه جليس ثم أحيانا تسفر فقال كذلك رأيت رسول الله يصلى وأحببت أن أصليها كما رأيت رسول الله. وكذلك ما روي عن معاذ بي جبل قال: (بعثني رسول الله عليه والسلام إلى اليمن فقال يا معاذ إذا كان في الشتاء فغلس بالفجر وأطل القراءة قدر ما يطيق الناس ولا تملهم، وإذا كان الصيف فأسفر بالفجر، فإن الليل قصير والناس ينامون فأمهلهم حتى يدركوا).

وكذلك قول الله تعالى: “وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر) ودلت الآية هنا صراحة على أن الفجر هو حد الصيام والإفطار وهو الحد الفاصل بين نهاية الليل وبداية النهار، وأنه الخيط الأبيض الذي يشترك مع الخيط الأسود وهما معترضان في الأفق حتى ينفجر صبحه مسفرا بضوئه ومشرقا به في الآفاق، وذلك لأن الخيط الأبيض بدلا من الخيط الأسود والفجر بدلا من الخيط الأبيض.

وفي قواعد اللغة العربية التي نزل بها القرآن الكريم وما سمي الفجر فجرا إلا لانفجاره عن الليل بهذا الخيط الرفيع الذي يفصل بين نهاية الليل وبداية النهار وهو أول شعاع من ضوء الصبح يصل إلى الليل.

كما علم المسلمون من عصر النبي عليه السلام بالطريق القطعي الصحيح والثابت بيقين وقت صلاة الفجر الصادق وعلاماته الشرعية بطريق الوحي قولا وفعلا عن النبي عليه السلام وأنه يسبق الفجر الكاذب الذي يكون ضوءه في الأفق مستطيلا، ثم يعقبه ظلام يأتي بعده الفجر الصادق الذي يتبعه ويلازمه الضوء المعترض المستطير في الأفق ويظل يتتابع حتى يصبح ويشرق معه الصبح المنير الذي يليه شروق الشمس وحدد الصحابة بداية الفجر الصادق والأذان له بطريق اليقين اتباعا لسنة النبي عليه السلام التشريعية القولية والعملية، وبينوا حدود هذا الزمن ومقداره في جميع أيام السنة والفصول بوسائلهم العملية اليقينية المتاحة في ذلك الوقت من خلال الأذان والوضوء وركعتي السنة والاضطجاع لبعض الوقت قبل الفرض كما فعل النبي عليه السلام مع طول القراءة فيها غالبا بمقدار سورة السجدة وقراءة ورد معين من عصر النبي عليه السلام حتى ظهور التقاويم العلمية الفلكية والساعة الزمنية التي حددت أوقات الصلوات على وجه الدقة على يد أهل الذكر والعالم الفلكي من المسلمين في ضوء تحديد مواقيت الصلاة التي جاءت على المؤمنين كتابا موقوتا، على طريق السماع من الوصي لا بطريقة الاجتهاد، وعليه قام التقويم الفلكي والمصري القديم والحديث .

على أن هناك خلطا في المفاهيم بين بعض المسلمين من العلماء غير المتخصصين تخصصا دقيقا في فقه الشريعة الإسلامية أو العلماء المفكرين في الفقه الإسلامي وغير المجتهدين اجتهاد مطلقا حيث ظهر خلاف مفتي ومذهبي بالنسبة لصلاتي الفجر والعشاء من حيث الأداء والفعل في أول الوقت المحدد شرعا من حيث أداء صلاة الفجر في الغلس أو تأخيرها والإسفار بها صبحا حيث إن الرسول بقوله (أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر).

ومع أن الأئمة أصحاب المذاهب الفقهية الإسلامية والمجتهدين معهم لم يختلفوا في بداية وقت الفجر، واختلفوا في الأداء والفعل للصلاة في داخل وقتها هل الأفضل أن تؤدي في غلس أم في الإسفار فقال جمهور الفقهاء: التغليس بالفجر أفضل وهو ما داوم عليه الرسول عليه السلام حتى وفاته، وذهب آخرون إلى أن الأسفار أفضل لحديثه:” أسفروا بالفجر” ولأن الإسفار تأكيد لدخول الوقت، وهو شرط لصحة الصلاة وأيسر على الناس وأرفق بهم ، فقد قال رسول الله عليه السلام (فجر يحل فيه الطعام وتحرم فيه الصلاة، وفجر تحل فيه الصلاة ويحرم فيه الطعام) وأنه بذلك لا يوجد دليل يعول عليه عن أثار بين الناس أن التقاويم الحالية التي عليه تحدد في مواقيت صلاتي الفجر والعشاء غير صحيحة.