كلمة المسيح تطلق على الصديق والكذاب، فعيسى ابن مريم مسيح الهدى و المسيح الدجال مسيح الضلال، وقد وردت أحاديث بأوصافه، أهمها أنه أعور العينين، مكتوب بينهما كافر، يقرؤها كل مؤمن، علم الكتابة أم جهلها، فالمسلم يعرفه بقلبه قبل أن يعرفه بالكتابة، وهو من أشر الفتن التي تظهر قبل يوم القيامة.
معنى المسيح:
هذه اللفظة تطلق على الصّدّيق وعلى الضّلّيل الكذاب، فالمسيح عيسى بن مريم عليه السلام الصديق، والمسيح الدجال : الضليل الكذاب، فخلق الله المسيحين أحدهما ضد الآخر: فعيسى عليه السلام مسيح الهدى، يبرئ الأكمه والأبرص ويحي الموتى بإذن الله. والدجال – لعنه الله – مسيح الضلالة يفتن الناس بما يعطاه من الآيات كإنزال المطر، وإحياء الأرض بالنبات وغيرهما من الخوارق
وسمي الدجال مسيحا لأن إحدى عينيه ممسوحة، أو لأنه يمسح الأرض في أربعين يوما، والقول الراجح هو الأول لما جاء في الحديث الذي رواه مسلم ( إن الدجال ممسوح العين )رواه ابن ماجة.
معنى الدجال:
لفظ الدجال: مأخوذ من قولهم: دجل البعير، إذا طلاه بالقطران وغطاه به
وأصل الدجل: معناه الخلط ، يقال: دجل إذا لبس وموّه.
والدجال: المموِّه الكذاب المُمَخرِق، وهو من أبنية المبالغة، على وزن فعّال، أي يكثر منه الكذب والتلبيس، وجمعه: دجالون، وجمعه الإمام مالك على دجاجلة، وهو جمع تكسير.
ولفظة الدجال: أصبحت علما على المسيح الأعور الكذاب، فإذا قيل: الدجال، فلا يتبادر إلى الذهن غيره.
وسمي الدجال دجالا: لأنه يغطي الحق بالباطل، أو لأنه يغطي على الناس كفره بكذبه وتمويهه وتلبيسه عليهم، وقيل لأنه يغطي الأمر بكثرة جموعه.
صفة الدجال:
و الدجال رجل من آدم، له صفات كثيرة جاءت بها الأحاديث لتعريف الناس به، وتحذيرهم من شره حتى إذا خرج عرفه المؤمنون فلا يفتنون به، بل يكونون على علم بصفاته التي أخبر بها الصادق ﷺ وهذه الصفات تميزه عن غيره من الناس فلا يغتر به إلا الجاهل الذي سبقت عليه الشقوة نسأل الله العافية
ومن هذه الصفات أنه رجل، شاب، أحمر، قصير، جعد الرأس، أجلى الجبهة، عريض النحر، ممسوح العين اليمنى، وهذه العين ليست بناتئه ( أي ليست بارزة ) ولا جحراء ( أي ليست غائرة ) كأنها عنبة طافئة، وعينه اليسرى عليها ظفرة غليظة ( وهي لحمة تنبت عند المآقي ) ومكتوب بين عينيه ( ك ف ر ) بالحروف المقطعة، أو كافر بدون تقطيع، يقرؤها كل مسلم كاتب وغير كاتب، ومن صفاته أنه عقيم لا يولد له .
وهذه بعض الأحاديث في صفة الدجال:
عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ قال ( بينا أنا نائم أطوف بالبيت …… ( فذكر أنه رأى عيسى بن مريم عليه السلام ثم رأى الدجال فوصفه فقال : ) فإذا رجل جسيم، أحمر، جعد الرأس، أعور العين، كأن عينه عنبة طافئة، قالوا: هذا الدجال أقرب الناس شبها به ابن قطن) رجل من خزاعة.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ ذكر الدجال بين ظهراني الناس فقال ( ألا إن الله تعالى ليس بأعور، ألا وإن المسيح الدجال أعور العين اليمنى، كأن عينه عنبة طافئة ) رواه البخاري
وفي حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه: قال رسول الله ﷺ في وصف الدجال ( إن مسيح الدجال رجل قصير، أفجع، جعد، أعور، مطموس العين، ليس بناتئه ولا جحراء، فإن ألبس عليكم، فاعلموا أن ربكم ليس بأعور ) رواه أبو داود في السنن وهو حديث صحيح
وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه: قال رسول الله ﷺ ( وأما مسيح الضلالة فإنه أعور العين، أجلى الجبهة، عريض النحر فيه دفأ – أي انحناء – ) رواه أحمد بإسناد صحيح
وفي حديث حذيفة رضي الله عنه قال ﷺ ( الدجال أعور العين اليسرى ، جفال الشعر – أي كثيره – ) رواه مسلم
ويلاحظ في الرويات السابقة أن بعضها وصف العين اليمنى بالعور، وبعضها العين اليسرى وكلها روايات صحيحة وهذا فيه إشكال. فذهب الحافظ ابن حجر إلى أن حديث ابن عمر الوارد في الصحيحين والذي جاء فيه وصف عينه اليمنى بالعور أرجح من رواية مسلم التي جاء فيها وصف العين اليسرى، لأن المتفق على صحته أقوى من غيره. وذهب القاضي عياض إلى أن عيني الدجال كلتيهما معيبة، لأن الرويات كلها صحيحة ، وتكون العين المطموسة والممسوحة هي العوراء الطافئة- بالهمز – أي التي ذهب ضوؤها وهي العين اليمنى، كما في حديث ابن عمر، وتكون العين اليسرى التي عليها ظفرة غليظة وهي الطافية – بلا همز – معيبة أيضا فهو أعور العين اليمنى واليسرى معا، فكل واحدة منهما عوراء: أي معيبة . وقال النووي في هذا الجمع ( هو نهاية في الحسن ) ورجحه القرطبي .
وفي حديث أنس رضي الله عنه، قال ﷺ ( وإن بين عينيه مكتوب كافر ) رواه البخاري
وفي رواية : ( ثم تهجاها ( ك ف ر )، يقرؤه كل مسلم ) رواه مسلم
وفي رواية عن حذيقة ( يقرؤه كل مؤمن كاتب وغير كاتب ) رواه مسلم
ومن صفاته أيضا ما جاء في حديث فاطمة بنت قيس رضي الله عنها في قصة الجساسة، وفيه قال تميم رضي الله عنه ( فانطلقنا سراعا، حتى دخلنا الدير، فإذا فيع أعظم إنسان رأيناه قط، وأشده وثاقا ) رواه مسلم
وفي حديث عمران بن حصين رضي اله عنه قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول ( ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة خلق أكبر من الدجال ) رواه مسلم .
ويقول الشيخ عطية صقر -رحمه الله تعالى – في شأن المسيح الدجال:
من أصح ما ورد بشأن المسيح الدجال أن النبي ﷺ كان يستعيذ بالله كثيرًا من فتنته، وفي صحيح مسلم أن خروجه هو أول علامات الساعة الكبرى وأنه يخرج من ناحية المشرق، وسيمكث أربعين يومًا يفتن الناس عن الإيمان بالله، يوم منها كسنة ويوم كشهر ويوم كجمعة، وسائر الأيام كالأيام العادية.
وفي اليوم الذي هو كسنة لا تكفي فيه خمس صلوات، بل يجب أن يقدر كل أربع وعشرين ساعة لخمس صلوات كما في الحديث المذكور “اقدروا قدره” وسيقتله سيدنا عيسى عليه السلام عند باب “لد” كما في صحيح مسلم “ج18 ص 65-76”.
وجاء في كتاب “مشارق الأنوار” للشيخ العدوي كلام كثير عنه بروايات صحيحة وغير صحيحة وتحدث عن أتباعه، وهل ولد أيام الرسول أم سيولد قرب قيام الساعة.
وتحدث عن علامات خروجه وتشويه شكله، والخوارق التي يقوم بها، ومكتوب بين عينيه “كافر” وأنه لا يستطيع دخول مكة والمدينة لحراسة الملائكة لهما، وأن معه مغريات كثيرة يمتحن بها الناس ليؤمنوا به، وأن النبي ﷺ قابله وعرض عليه الإسلام.
ويقول الشيخ محمد صالح المنجد:
الدجال: إنسان خلقه الله، يخرج في آخر الزمان من غضبة يغضبها، يعيث في الأرض فسادا ويدّعي الألوهية، ويدعو الناس لعبادته، يفتن الناس بما أعطاه الله من الخوارق كإنزال المطر وإحياء الأرض بالنبات وإخراج كنوزها، وهو شاب أحمر قصير جعد الرأس أعور ممسوح العين اليمنى والأخرى عليها قطعة لحم غليظة مكتوب بين عينيه كافر، عامة من يتبعه من اليهود تكون نهايته على يد عيسى بن بن مريم الذي يقتله بحربة في بلدة اللدّ بأرض فلسطين.