حديث السيدة عائشة رواه أبو داود وابن مردويه والبيهقي عن خالد بن دريك عنها، وهو أن أسماء بنت أبي بكر دخلت على رسول الله ـ ﷺ ـ وعليها ثِياب رِقاق، فأعرض عنها رسول الله ـ ﷺ ـ وقال: “يا أسماءُ إن المرأة إذا بلغَتْ المَحيضَ لم يصلُح أن يُرى منها إلا هذا” وأشار إلى وجهه وكفَّيه.
يقول الحافظ المنذري في “الترغيب والترهيب ج 3 ص 33”: هذا مرسل، وخالد بن دريك لم يدرِك عائشة، وذكر القرطبي في تفسيره وقال: إنه منقطِع. وقال ابن قدامة في “المغني” : إن صحَّ هذا الحديث فيكون قبل نزول الحجاب.
وبناء على هذا لا يوجد دليل يستثنى وجه المرأة وكفَّيها من وجوب سترهما. ويؤكِّد ذلك الشّوكاني بأن المسلمين من قديم الزمان على ذلك، ويَميل إلى هذا في زمن يكثر فيه الفُسّاق. والخلاف موجود بين الأئمة، وفي قول مذهب مالك: للمرأة أن تكشِف وجهها وعلى الرجل أن يغضَّ بصره، وقيل: يجب سترُه، وقيل: يفرَّق بين الجميلة فيجب وبين غيرها فيُستحَبُّ، وجاء في “خليل” وشرحه ومُحشِّيه كراهة انتقاب المرأة في الصلاة وغيرها؛ لأنه من الغلو في الدّين، إذ لم ترد به السمحة، ما لم يكن من عادتهم ذلك. وفي الموطأ جواز أكل المرأة مع غير ذي رحم.
وقال ابن القطان: فيه إباحة إبداء المرأة وجهَها ويديها للأجنبيِّ؛ إذ لا يُتصوَّر الأكل إلا هكذا، وقد أبقاه الباجي على ظاهره.
وتوجد نصوص أخرى للمالكيّة في قولهم بجواز كشف المرأة وجهَها أمام الأجانب “يُراجع ذلك في الجزء الثاني من موسوعة الأسرة تحت رعاية الإسلام”.
وما دام الأمر خلافِيًّا فلا يحكم ببطلان رأي ولا يجوز التعصُّب لغيره، وللإنسان حريّة الاختيار، وكل هذا الخلاف ينتهي إذا كان وجه المرأة جميلاً تُخشَى منه الفِتنة، فيجب سَترُه.