يرى جمهور الفقهاء من الحنابلة والشافعية والحنفية ومن السلف عطاء، والشعبي، والنخعي، والزهري، وحماد، والثوري، والأوزاعي، أن نكاح الكافر وطلاقه كنكاح المسلم وطلاقه، فهو يقع منه، فإن طلق الكافر زوجته الكافرة طلاقا رجعيا ثم أسلما، احتسب الطلاق، وخالف المالكية ومن السلف الحسن ، وقتادة ، وربيعة الجمهور في ذلك ، ورأوا عدم جواز طلاق الكافر ونكاحه، لأنها عقود فاسدة لكفرهم، فلا يعتبر الطلاق ، لأن الإسلام يجب ما قبله، أما في حالة النكاح، فهو يبقى ،حفاظا على البيوت .

 ودليل الجمهور ما يلي :
 – أن الله تعالى أضاف النساء إليهم ،فقال تعالى عن أبي لهب :”وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ” المسد : 4 . وقال عن امرأة فرعون :”اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ” التحريم : 11
قال ابن قدامة :” وحقيقة الإضافة تقتضي زوجية صحيحة.”
-وفي الحديث :”ولدت من نكاح ،لا سفاح “قال الألباني :حديث حسن .وقد كان أبوا رسول الله مشركين ، وسمى العلاقة بينهما نكاحا، أي زواجا، ففي ذلك دليل على صحة أنكحة غير المسلمين، وإذا صح منهم الزواج، صح منهم الطلاق.

هل يحتسب طلاق الكافر قبل الإسلام

جاءت أقوال كبار فقهاء المذاهب:
-قال ابن قدامة الفقيه الحنبلي بعد أن ساق أدلة الجمهور في صحة النكاح:
وإذا ثبت صحة النكاح، ثبتت أحكامه، كأنكحة المسلمين . فعلى هذا ، إذا طلق الكافر ثلاثا ، ثم تزوجها قبل أن تتزوج زوجا آخر ، وأصابها ، ثم أسلما ، لم يقرا عليه ، وإن طلق امرأته أقل من ثلاث ، ثم أسلما ، فهي عنده على ما بقي من طلاقها .اهـ بتصرف يسير
-وفي الدر المختار من كتب الحنفية:كل نكاح صحيح بين المسلمين فهو صحيح بين أهل الكفر خلافا لمالك .انتهى
-وقال ابن عابدين الفقيه الحنفي في حاشيته:تثبت بقية أحكام النكاح في حقهم كالمسلمين : من وجوب النفقة في النكاح ، ووقوع الطلاق ونحوهما: كعدة ونسب ، وخيار بلوغ ، وتوارث بنكاح صحيح ، وحرمة مطلقة ثلاثا ونكاح محارم.انتهى
-وجاء في المنهاج من كتب الشافعية:فعلى الصحيح لو طلق ثلاثا ثم أسلما لم تحل بمحلل .انتهى
-وقال الشربيني الخطيب من فقهاء الشافعية في مغني المحتاج: لو طلق الكافر زوجته ثلاثا في الكفر ثم أسلما من غير محلل لم تحل له الآن إلا بمحلل، سواء اعتقدوا وقوع الطلاق أم لا ; لأنا إنما نعتبر حكم الإسلام. أما إذا تحللت في الكفر فيكفي في الحل ، ولو طلقها في الشرك ثلاثا ثم نكحها في الشرك من غير محلل ثم أسلما فرق بينهما نص عليه في الأم .انتهى
-وفي مغني المحتاج أيضا: ويقع الطلاق من مسلم أو كافر بصريح لفظ الطلاق ، وهو ما لا يحتمل ظاهره غير الطلاق بلا نية لإيقاع الطلاق، ولو قال : لم أنو به الطلاق لم يقبل ، وحكى الخطابي فيه الإجماع .ا.هـ بتصرف
-واعترض المالكية أن أنكحة المشركين لا تصح، قال ابن عرفة في حاشية الدسوقي:
وأشار فقهاء المذهب إلى شروط وقوع الطلاق بقولهم: وإنما يصح طلاق المسلم لزوجته ولو كافرة احترازا من الكافر فلا يصح منه .ا.هـ بتصرف

ماذا يفعل من طلق حال كفره ثم أسلم

يمكن الأخذ برأي المالكية من كون الطلاق في حال الشرك لا يقع ، لأن الجاهلية لم تكن تعرف الطلاق ، وإنما كانت تعرف الزواج ، فلما كان الزواج معروفا ومعتبرا ، أقره الإسلام ، ولما كان الطلاق غير معروف، فلا اعتبار له ، والإسلام يهدم ما قبله ، كما أن في الأخذ برأي المالكية تشجيعا للناس على الإسلام ، بإبقاء الأسرة لا هدمها.