هذا الحديث مختلف في صحة إسناده إلى النبي ﷺ ، فصححه أكثر علماء الحديث وضعفه بعضهم ، وهو مروي عن ابن عباس رضي الله عنهما بسند حسن ، وأيا كان فحرمان القاتل من الميراث أمر مجمع عليه ، لأن الحديث اشتهر حتى صار كالمتواتر، ومحل الإجماع في القتل العمد المحرم ، وما سواه كالقتل الخطا محل خلاف : فيرى الجمهور أنه يمنع القاتل من الميراث ، ويرى الإمام مالك أنه لا يمنعه.
هل يرث القاتل خطأ أو عمدا:
جاء في (فيض القدير، شرح الجامع الصغير) للإمامِ المناوي:
( ليس للقاتل من الميراث شيء) لأنا لو ورثناه لم نأمن ذا غرة يتعجل الإرث أن يقتل مورثه فاقتضت المصلحة حرمانه وقد جعل أهل الأصول الحديث من التواتر المعنوي لاشتهاره بين الصحب حتى خصصوا به عموم {يوصيكم الله في أولادكم} ـ يعني : آية المواريث ـ وهذا سواء كان القتل مضموناً بالقصاص أو الدية أو الكفارة المجردة ولا فرق بين كونه عمداً أو خطاً خلافاً لمالك ولا في الخطأ بين المباشرة أو الشرط أو السبب خلافاً لأبي حنيفة في الأخيرـ القتل بسبب ـ ولا بين أن يقصد بالسبب مصلحة كضرب الأب والمعلم والزوج للتأديب إذا أفضى إلى الموت أو لا وسواء صدر القتل من مكلف أو غيره خلافاً للحنفية أو غير مضمون مطلقاً.
رواه البيهقي عن ابن عمرو بن العاص ورمز المصنف ـ السيوطي ـ لحسنه وهو من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ، قال ابن عبد البر: في كتاب (الإشراف على ما في الفرائض من الاختلاف): إسناده صحيح بالاتفاق وله شواهد كثيرة اهـ.
وقال ابن حجر في تخريج الرافعي: إنه خطأ. وقال في تخريج المختصر: رواه الدارقطني بلفظ ( ليس للقاتل من الميراث شيء) وهو معلول ورواه الدارمي موقوفاً على ابن عباس بلفظ (لا يرث القاتل) بإسناد حسن (انتهى كلام الإما م المناوي)
وروى الترمذي عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال: (القاتل لا يرث ) .
قال الترمذي: هذا حديث لا يصح لا يعرف إلا من هذا الوجه وإسحق بن عبد الله بن أبي فروة قد تركه بعض أهل الحديث منهم أحمد بن حنبل والعمل على هذا عند أهل العلم أن القاتل لا يرث كان القتل عمداً أو خطأً و قال بعضهم إذا كان القتل خطأ فإنه يرث وهو قول مالك .(انتهى)
هل يرث الابن إذا كان تسبب بقتل أبيه في حادث سيارة:
في بداية المجتهد ونهاية المقتصد. – للإمام ابن رشد القرطبي في :كتاب الفرائض :
واختلفوا في ميراث القاتل على أربعة أقوال:
-فقال قوم: لا يرث القاتل أصلا من قتله.
-وقال آخرون: يرث القاتل وهم الأقل.
-وفرق قوم بين الخطأ والعمد فقالوا: لا يرث في العمد شيئا ويرث في الخطأ إلا من الدية، وهو قول مالك وأصحابه.
-وفرق قوم بين أن يكون في العمد قتل بأمر واجب أو بغير واجب، مثل أن يكون من له إقامة الحدود، وبالجملة بين أن يكون ممن يتهم أو لا يتهم(انتهى)
يقول الشيخ سيد سابق ، رحمه الله:
القتل العمد المحرم: فإذا قتل الوارث مورثه ظلماً فإنه لا يرثه اتفاقاً لما رواه النسائي أن النبي ﷺ قال: “ليس للقاتل شيء”.
وما عدا القتل العمد العدوان فقد اختلف العلماء فيه:
فقال الشافعي: كل قتل يمنع من الميراث ولو من صغير أو مجنون ولو كان بحق كحد أو قصاص.
وقالت المالكية: إن القتل المانع من الميراث هو القتل العمد العدوان سواء كان مباشرة أم سببًا .
وقال الحنفية: كل قتل مباشر يمنع الميراث عمداً كان أو خطأً، وأما القتل بسبب فلا يمنع. (انتهى).
وعليه : فإنه لو كان الابن يقود السيارة فتسبب في موت والده خطأً فالجمهور أنه لا يرث ، وعند الإمام مالك يرث .