حدَّد الله سبحانه مَصارِف الزكاة في قوله تعالى: (إنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ والْمَسَاكِينِ والْعامِلِينَ عَلَيْها والْمُؤلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وفِي الرِّقابِ والغَارِمِينَ وفِي سَبِيلِ اللهِ وابنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللهِ واللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (سورة التوبة : 60).

فلا يجوز دفع الزكاة لغير هؤلاء كما تفيده أداة الحصر وهي “إنما” وكل هذه الأصناف حددَّها العلماء دون خلاف بينهم يذكر، إلا في قوله تعالى: (وفِي سَبِيلِ اللهِ) ففسَّره الجمهور بالجهاد وفسَّره بعضهم بمُنقَطِعِي الحجيج، وجعله آخرون شاملاً لكل القُرُبات ومع ذلك لا يدخل التزويج فيه كما قال المحققِّون، فكما قالوا: لا يجوز صرف الزكاة للاستعانة بها على الحج لأن الله فَرَضَه على المستطيع فقط، قالوا: لا يجوز صرفها من أجل التزويج الذي نَدَب الله له من يستطيع أن يقوم بمسئولياته ، فقال: (وَلْيَسْتَعْفِفِ الذينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) (سورة النور : 33) وقال صلى الله عليه وسلم ” يا معشر الشباب مَنِ استطاع منكم الباءة فليتزوَّجْ، فإنه أغَضُّ للبصر وأحَصْنُ للفَرْج، ومن لم يَستَطِعْ فَعَلَيْه بالصوم فإنه له وِجَاءٌ” رواه البخاري ومسلم، والبَاءةُ هي تكاليف الزواج.

والزواج في هذه الأيام بالذات أخَذَ صورة مظهرية أكثر منها أدبية ودينية، سواء في المُهُور الغالية أو الأثاث الفاخر أو حفلات الزفاف وما إليها، فلا ينبغي أن توجه الزكاة إليها، وفي المجتمع حالات هي أحوج ما تكون لصرف الزكاة عليها.

روى مسلم أن رجلاً تزوَّج على صَدَاقٍ قدره أربع أواقٍ لا يستطيع دفْعها، ذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم  يَستَعِينه، ومعلوم أنه  صلى الله عليه وسلم في حالته الخاصة لا يُمكِنُه أن يساعد بمثل هذا القدْر، وليس في مال المسلمين حق يُعِين هذا الرجل، فقال له مستنكرًا:”كأنما تَنْحِتُونَ الفِضَّةَ مِنْ عُرْضِ هذا الجَبَلِ، ما عندنا ما نُعْطِيكَ، لكنْ عسى أن نَبْعَثُكَ في بَعْثٍ تُصِيبُ مِنْهُ.

ولو تَعَيَّنَ الزواج عِصْمَةً من المنكر للفتى أو الفتاة لا يُتَحَمَّلُ معها الانتظار إلى وقت اليَسَارِ وَجَبَ عليه أن يتزوج بقدر يُناسِب وَضْعَه الذي هو فيه، ما دام يَقصد الخير من العِفَّة والشرف. ولا يعدم أي مجتمع أن يكون فيه من يُحَقِّق له غرضه، فالخير موجود في المسلمين إلى يوم القيامة.

هذا، وإذا كانت للزكاة مصارف متعددة فينبغي مراعاة الأوْلوية فيها، والمسلمون كأمة واحدة يجب أن يتضامنوا في تحقيق الخير ودفْع الشر، وفيهم الآن من هم أشد حاجة للعون الذي يَحفظ كرامتهم كآدميين ومسلمين، فأوْلى أن تُدفَع الزكاة إليهم ولو كان للزكاة جهاز منظم يشرف عليها بصدق وإخلاص جمعا وتوزيعًا لَظَهَر أثرها الذي شُرِعَت من أجله، سواء في الوطن الصغير أو في الوطن الإسلامي الكبير.