من الأوضاع الشاذة التي تضطر الزوجة إليها من أجل الحفاظ على حقِّ النفقة وبخاصة إذا كان عن طريق التحاكم إلى القضاء ـ ما يسُمَىَّ ببيت الطاعة.
فالرجل يعمد إلى مسكن لا يرضى أن يسكنه هو، بل ولا يرضى لابنته أو أخته أن تسكنه، ويقدَّم إليها من الطعام والشراب في هذا السجن ما يتنافى مع الكرامة الإنسانية، وذلك كلُّه من أجل التضييق عليها حتى تفتدي نفسها منه ليطلِّقها، وقد أمر الله ـ سبحانه ـ بإحسان عِشْرتها في المسكن والنفقة، وحَرَّمَ الإضرار بها لتطلب الطلاق منه فقال ( أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ ) ( سورة الطلاق : 6 ) .
إن هذه المعاملة تتنافى مع الوصية بالإحسان إليهن ومعاشرتهن بالمعروف . وقد يُحْمَل عِنَاد المرأة على عدم تمكن زوجها من الوصول إلى غرضه .
ونقول : إذا عَرَفَ كلٌّ من الزوجين حقه وواجبه نحو الآخر وجب التنفيذ بدقة وإخلاص، فإذا ساء التفاهم بينهما أوصيهما بقول الله تعالى( فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا) ( سورة البقرة : 231 ) .
وإذا فشل التحكيم في التوفيق فليتفرقا ليغني الله كلاًّ من سعته ولا داعي للعناد الذي يجر إلى ما لا يرضاه الله، ونذكر كلا الزوجين بالحديث الشريف ” لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ” وليحذر كلٌّ منهما أن ينعكس خلافهما على أولادهما.