عن عبد الله بن مسعود،  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : “من قرأ تبارك الذي بيده الملك كل ليلة منعه الله عز وجل بها من عذاب القبر وكنا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم نسميها المانعة وإنها في كتاب الله عز وجل سورة من قرأ بها في كل ليلة فقد أكثر وأطاب”. 

هذا الفضل منوط بالتلاوة ( أي بتحريك اللسان ) فلا يكفي في هذا مجرد إجراء الكلام على القلب دون تلفظ، كما لا يكفي مجرد الاستماع.

صحيح أن السماع مرغب فيه ، فقد كان رسول الله صلى الله عليه يحب أن يسمع القرآن من غيره، كما في الصحيحين عن عبد الله بن مسعود قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ” اقرأ علي” قلت: اقرأ عليك وعليك أنزل ؟ قال: “فإني أحب أن أسمعه من غيري” فقرأت عليه سورة النساء حتى بلغت ( فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً ) قال: “أمسك فإذا عيناه تذرفان.

وفي المستدرك وصحيح ابن حبان عن أبي موسى الأشعري قال: “استمع رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم قراءتي من الليل، فلما أصبحت قال: “يا أبا موسى استمعت قراءتك الليلة، لقد أوتيك مزماراً من مزامير آل داود” قلت: يا رسول الله لو علمت مكانك لجبرت لك تجبيراً”.

وكان السلف يقولون: ما الرحمة إلى أحد بأسرع منها إلى مستمع القرآن، لقول الله عز وجل ( وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون) [الأعراف:105] .

وقد روى أحمد في مسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من استمع إلى آية من كتاب الله كانت له حسنة مضاعفة ، ومن تلاها كانت له نورا يوم القيامة” وللدارمي عن ابن عباس قال: “من استمع إلى آية من كتاب الله كانت له نوراً”.( والحديث ضعفه الشيخ الألباني).

إلا أن سماع القرآن لا يغني عن تلاوته بصفة عامة ، ولا يترتب عليه فضل سورة تبارك، وأي فضل أنيط بالتلاوة، مثل ( قراءة سورة الكهف يوم الجمعة)

وقد روى الترمذي والحاكم وغيرهما عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة ، والحسنة بعشر أمثالها ، لا أقول “ألم” حرف ولكن: ألف: حرف ، ولام: حرف ، وميم: حرف. قال أبو عيسى الترمذي هذا حديث حسن صحيح غريب.

ولا يعد المرء قارئا لحرف من القرآن إلا إذا حرك به لسانه ، لقوله تعالى: (لا تحرك به لسانك لتعجل به* إن علينا جمعه وقرآنه* فإذا قرأناه فاتبع قرآنه )[القيامة: 16/18]

قال البيضاوي وغيره من أهل التفسير: (فإذا قرأناه بلسان جبريل) فقال ابن كثير: ( أي إذا تلاه عليك الملك عن الله (فاتبع قرآنه) أي فاستمع له ، ثم اقرأه كما أقرأك.

ويفضل أن يقرأ المسلم سورة تبارك كل ليلة بصوته، ويحرك لسانه بالقراءة حتى يحصل له الأجر ، وليس في ذلك محظور، فالإمام مالك يبيح قراءة القرآن للحائض دون أن تمسه، بل ذهب بعض المحقين ( مثل الشيخ الألباني ) إلى جواز أن تمس الحائض المصحف، وهو الذي نراه راجحا؛ لعدم وجود دليل صحيح صريح يدل على المنع.