تناول الطعام والشراب بسبب النسيان لا يؤثر على الصوم في رمضان اتفاقا ، ولا في غيره على الراجح ، فإذا أكل الصائم أو شرب ناسياً فصيامه صحيح ، ولا شيء عليه ، وعليه أن يكمل صيامه ، لأن الله تعالى برحمته لا يؤاخذ الناسي.

يقول فضيلة الشيخ عطية صقر رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر ـ رحمه الله ـ في كتابه أحسن الكلام في الفتوى والأحكام:

روى أصحاب السنن أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: ( إن الله رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ). رجاله ثقاة. فليس فيه علة قادحة.

وروى الجماعة إلا النسائي أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: ( من نسي وهو صائم، فأكل أو شرب؛ فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه).

وروى الدارقطني بإسناد صحيح أنه صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا أكل الصائم ناسيا أو شرب ناسيا فإنما هو رزق ساقه الله إليه، ولا قضاء عليه ).

ذهب جمهور الفقهاء إلى أن: الصائم إذا أكل أو شرب ناسيا، فإن صيامه صحيح، وهذا موافق لقوله ـ تعالى: ( وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ )البقرة :225 .

والنسيان ليس من كسب القلوب، وما دام صومه صحيحا فعليه أن يمسك عن الطعام، وعليه أن يتم صومه، وهذا واضح في صيام رمضان تعظيما لحرمة الشهر.

أما في غير أداء رمضان كالنذر المعين، أو غير المعين وكصيام الكفارات وقضاء رمضان، وصوم التطوع، فلا يجب عليه الإمساك بقية اليوم، ويجوز له أن يفطر عند الجمهور.

ولكن الإمام مالك قال: إن كان الصوم نفلا وأفطر ناسيا؛ وجب الإمساك؛ لأنه لا يجب عليه القضاء للفطر نسيانا، فإن كان عمدا فلا يجب الإمساك؛ لوجوب القضاء عليه بالفطر عمدا.

وقد تحدث العلماء عن سند قول مالك في وجوب القضاء على من تعمد الفطر في صيام النفل، وعن وجوب الإمساك إذ أفطر ناسيا مع عدم القضاء فوجدوه ضعيفا.

والمهم أن نعرف أن: دليل الجمهور قوي في أن النسيان لا يؤثر على الصيام حتى لو كان الأكل كثيرا، ويؤيده ما أخرجه أحمد عن أم إسحاق أنها كانت عند النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فأُتِيَ بقصعة من ثريد، فأكلت معه، ثم تذكرت أنها صائمة ، وهذا لم يكن في رمضان قطعا، لأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يأكل معها، وقد يكون صيام نذر، أو قضاء أو نفل، فلما تذكرت أنها صائمة قال لها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( أتمي صومك، فإنما هو رزق ساقه الله إليك ).

والخلاصة: أن الأكل والشرب نسيانا لا يؤثر على صحة الصيام سواء أكان في رمضان أو في غير رمضان .