الاستحاضة هي سيلان الدم في غير أوقاته المعتادة عند المرأة من مرض أو عرق.
وأما الحيض فهو الدم الطبيعي الذي يعتاد المرأة في أيام عادتها الشهرية، ويمتاز دم الحيض عن دم الاستحاضة بأن دم الحيض أسود ذو رائحة كريهة وتصحبه غالباً بعض الآلام وخاصة في بدايته.
-والحيض يوجب ترك الصلاة والصيام والوطء أيامه.
-وأما الاستحاضة فهي دم فساد لا يترتب عليه شيء من الأحكام المتقدمة.
والمستحاضة تعتبر طاهرة إلا أنها يجب عليها الوضوء لوقت كل صلاة. ولا تتوضأ إلا بعد دخول الوقت.
وأما عن غسل الاستحاضة، فقد جاء في كتاب الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي:
قال المالكية : يستحب للمستحاضة أن تتوضأ لكل صلاة، كما يستحب لها بعد انقطاع الدم الغسل من دم الاستحاضة.
وقال الحنفية والشافعية والحنابلة (الجمهور) : يجب على المستحاضة أن تتوضأ لوقت كل صلاة، بعد أن تغسل فرجها، وتعصِبه، وتحشوه بقطن وما أشبهه إلا إذا أحرقها الدم أو كانت صائمة، والحشو ليرد الدم، لقوله صلّى الله عليه وسلم لحمنة حين شكت إليه كثرة الدم: «أنْعَت لك الكُرْسُفَ، فإنه يُذهب الدمَ»
فإذا استوثقت (بأن تشد خرقة مشقوقة الطرفين تخرج أحدهما من أمامها والآخر من خلفها، وتربطهما بخرقة تشدها على وسطها كالتكة) ثم خرج الدم من غير تفريط في الشد، لم تبطل صلاتها، لما روت عائشة رضي الله عنها: أن فاطمة
بنت أبي حبيش استحيضت، فقال لها النبي صلّى الله عليه وسلم : «اجتنبي الصلاة أيام محيضك، ثم اغتسلي، وتوضئي لكل صلاة، ثم صَلِّي، وإن قطر الدم على الحصير» .
والدليل على أن المستحاضة تتوضأ لوقت كل فريضة: وهو أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال في المستحاضة: تدع الصلاة أيام أقرائها (حيضاتها)، ثم تغتسل، وتتوضأ عند كل صلاة، وتصوم وتصلي» ولأنها طهارة عذر وضرورة، فتقيدت بالوقت كالتيمم.
ولا يجب على المستحاضة إلا غسل واحد باتفاق المذاهب الأربعة بدليل الحديث السابق وغيره كحديث حمنة، ويسن لها عند الشافعية والحنابلة، ويندب عند الحنفية كالمالكية أن تغتسل لكل صلاة، بدليل الحديث المتقدم في الأغسال المسنونة: «أن النبي صلّى الله عليه وسلم أمر أم حبيبة أن تغتسل، فكانت تغتسل عند كل صلاة» .
وتصلي المستحاضة ونحوها عند الحنفية بوضوئها ما شاءت من الفرائض والنوافل. ويبطل وضوءها بخروج الوقت كما بينا في بحث وضوء المعذور.
ولها عند الحنابلة أيضاً الجمع بين الصلاتين بوضوء واحد؛ «لأن النبي صلّى الله عليه وسلم أمر حمنة بنت جحش بالجمع بين الصلاتين بغسل واحد» وأمر به سهلة بنت سهيل. وخروج الوقت مبطل لهذه الطهارة، أي أن مذهبي الحنفية والحنابلة متفقان.
أما الشافعية فقالوا: يجب الوضوء لكل فرض ولو منذوراً، كالتيمم لبقاء الحدث، وتصلي به الجنازة وما شاءت من النوافل، وكذا يجب لكل فرض تجديد العِصَابة في الأصح، قياساً على تجديد الوضوء.
ويجب أن تبادر إلى الصلاة عقب الوضوء، إلا لمصلحة كستر عورة وأذان وإقامة، وانتظار جماعة واجتهاد في قبلة وذهاب إلى مسجد وتحصيل سترة. وقد سبق بيان ذلك وغيره في بحث وضوء المعذور.