حكم التبرج :
ومع ورود هذا الوعيد الشديد إلا أننا لا نستطيع أن نجزم بأن كل متبرجة ستدخل النار؛ إذ إن من عقيدتنا التي نؤمن بها وتلقيناها من السلف الصالح أن الله قد يتجاوز عمن يستحق دخول النار فيعفو عنه، أو قد تدركه شفاعة النبي ﷺ، أو شفاعة أحد قرابته من الشهداء أو العلماء العاملين ، أو الصالحين.
ومن لا تدرك عفو الله ولا شفاعة الشافعين فماذا ستفعل يوم القيامة .
الواجب على المسلم والمسلم السمع والطاعة لله تعالى :
يجب العلم أولاً بأن المسلم والمسلمة يجب عليهما أن ينقادا لأوامر الله ورسوله ، مهما كانت صعبة وشاقة على النفس، دون خجل من أحدٍ من الناس، فإن المؤمن الصادق في إيمانه هو الذي يصدق في تحقيق طاعة ربه سبحانه وتعالى وامتثال أوامره واجتناب نواهيه، وليس للمؤمن ولا المؤمنة أن يتلكآ أو يترددا في الأمر ، بل يجب السمع والطاعة مباشرة عملا بقوله جل وعلا : ( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ) الأحزاب وهذا هو دأب المؤمنين الذي مدحهم ربهم سبحانه وتعالى بقوله : ( إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون ، ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون ) سورة النور/50 -51 .
ثم إن المسلم لا ينظر إلى صغر الذنب وكبره ، بل ينظر إلى عظمة من عصاه سبحانه وتعالى فهو الكبير المتعال ، وهو شديد المحال، وهو جل وعلا شديد البطش ، أخذه أليم ، وعذابه مهين ، وإذا انتقم سبحانه ممن عصاه فالهلاك هو مصيره ، قال عزّ وجلّ : ( وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد، إن في ذلك لآية لمن خاف عذاب الآخرة ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود ) سورة هود/102-103 .
وقد تصغر المعصية في نظر العبد وهي عند الله عظيمة كما قال الله تعالى : ( وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم ) والأمر كما قال بعض أهل العلم : ” لا تنظر إلى صغر المعصية ولكن انظر إلى عظمة من عصيت ” والواجب علينا طاعة الله وتنفيذ أوامره ومراقبته في السر والعلانية واجتناب نواهيه وزواجره .
أما من جهة الاعتقاد فإن المسلم المصلي إذا صدرت منه بعض المعاصي والسيئات فإنه باق على الإسلام ما لم يرتكب أمرا مخرجا عن الملة ويقع في ناقض من نواقض الإسلام ، وهذا المسلم العاصي تحت مشيئة الله في الآخرة إن شاء عذّبه وإن شاء غفر له ، ولو دخل النار في الآخرة فإنه لا يخلد فيها ، ولا يستطيع أحدٌ من الناس أن يجزم بمصيره من ناحية وقوع العذاب عليه أو عدم وقوعه لأنّ هذا أمر مردّه إلى الله وعلمه عنده سبحانه وتعالى .
أقسام الذنوب :
وبناء على ما تقدّم فلا يمكن الجزم بأن من تركت الحجاب سوف تدخل النار ، ولكنها مستحقّة لعقوبة الله لأنها عصت ما أمرها به ، وأما مصيرها على التعيين فالله أعلم به ،:وليس لنا أن نتكلم فيما لا نعلمه قال تعالى : ( ولا تقف ما ليس لكَ به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً ) .
ويكفي المسلم صاحب القلب الحيّ أن ينفر من عمل يعلم بأنّه إذا فعله سيكون معرّضا لعقوبة الربّ عزّ وجلّ لأنّ عقابه شديد وعذابه أليم وناره حامية ( نار الله الموقدة . التي تطّلع على الأفئدة )
وفي المقابل فإن من أطاعت ربها فيما أمرها به – ومن ذلك الالتزام بالحجاب الشرعي – فإننا نرجو لها الجنة والفوز بها والنجاة من النار وعذابها . انتهى.
هل التبرج من الصغائر :
إني لأتعجب من قول أحد الكتاب في إحدى المجلات: إن خروج المرأة بالثياب العصرية التي تكشف معها السيقان والأذرع والصدور والشعور وما هو أكثر منها، والتي تشف وتصف وتحدد مفاتن الجسم، إنما هي من صغائر الذنوب، التي يكفرها مجرد اجتناب الكبائر!!!
وغفل هذا الكاتب عن الحديث الصحيح، الذي رواه مسلم عن أبي هريرة عن رسول الله ﷺ: “صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر، يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات، مائلات مميلات، رؤسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا”.
والحديث يصور في شقه الثاني ـ نساء عصرنا بثيابهن ورؤوسهن، كأنه يراهن رأى العين.
وقد جعلهن من أهل النار، ولو كان لبسهن للثياب التي تجعلهن كاسيات عاريات، من صغائر المحرمات، ما جعلهن من أهل النار، ولا حرم عليهن دخول الجنة ووجدان ريحها، فهذا من موجبات الكبائر من غير شك.