جاء في كتاب “الأذكار” للإمام النووي “ص104″ أن الله سبحانه قال: ( ولله الأَسْمَاءُ الحُسْنَى فَادْعُوه بِهَا) (سورة الأعراف:180)، وأنَّ النبي ـ ﷺ ـ قال: ” إنَّ لله تسعة وتسعين اسمًا، مائة إلا واحدًا” من أحْصاها دخل الجنة، إنه وِتْر يحب الوِتْر، ثم ذكر الأسماء. وقال إن الحديث رواه البخاري ومسلم، أما الأسماء فرواها الترمذي وغيره بسند حسن، ومعنى أحْصاها حَفِظها، كما فسَّر البخاري والأكثرون، ويؤيده أن في رواية في الصحيح “مَن حَفِظها دخل الجنة”، وقيل: معناه مَنْ عَرَف مَعانيَها وآمن بها”، وقِيل معناه: من أَطَاقَها بِحُسن الرِّعاية لها، وتخلَّق بما يمكنه من العمل بمعانيها.
وجاء في شرْحه لصحيح مسلم “ج17 ص5″ أنَّ العُلَماء اتَّفقوا على أن هذا الحديث ليس فيه حصر لأسمائه سبحانه وتعالى فليس معناه أنه ليس له أسماء غير هذه التسعة والتسعين، وإنَّما مقْصود الحدِيث أنَّ هَذه التسعة والتسعين من أحصاها دخل الجنة، فالمراد الإخبار عن دخول الجنة بإحصائها، لا الإخبار بحصر الأسماء، ولهذا جاء في الحديث الآخر” أسألك بكلِّ اسم سمَّيْت به نفْسك، أو اسْتَأْثَرْت به في علم الغيب عندك”، وقد ذكر الحافظ أبو بكر بن العربي المالكي عن بعضهم أنه قال: لله تعالى ألف اسم، قال ابن العَربي، وهذا قليل فيها.
وجاء في تفسير القرطبي للآية المذكورة الإشارة إلى العلاقة بين الاسم والمُسمَّى والفرق بين الاسم والصفة، وأحال توضيح ذلك إلى تأليفه الخاص عن شرح أسماء الله الحسنى ثم قال: الذي يذهب إليه أهل الحق أن الاسم هو المسمَّي أو صفة له تتعلق به، وذكر أن الأسماء في الآية تَعني التَّسميَات؛ لأن الله واحدًا والأسماء جَمْع، وقال القاضي أبو بكر في كتاب التَّمْهيد عن أسماء الله الحسنى التِّسعة والتسعين: أنها عبارات عن كون الله تعالى على أوصاف شتى، منها ما يَستحقُّه لنفسه، ومنها ما يستحقه لصفة تتعلَّق به، وأسماؤه العائدة إلى نفسه هي هو، وما تعلَّق بصفة له فهي أسماء له، ومنها صفات لذاته، ومنها صفات أفعال، وهذا تأويل قوله تعالى (ولله الأسْماءُ الحُسنَى فادْعُوه بِها) أي التَّسْميَات الحسنى، هذا، وعلماء الكلام قالوا: تسمية الله بالأسماء توقيفية، أي يتوقَّف إطْلاقُها على الإذن فيه، وذلك للاحتياط احترازًا عمَّا يُوهم باطلًا، لعِظَمِ الخَطَرِ في ذلك، جاء ذلك في كتاب “المواقف” للإيجي وشرح معاني هذه الأسماء، فليُرجع إليه.
وكُتب التوحيد والتفسير فيها متَّسع لمن أراد الاستزادة، والمهم هو العمل بمُقتضَى الإيمان بهذه الأسماء وليس الاكتفاء بحِفظها أو حصْر عددها، فالعلم للعمل، وليس لمجرد الحفظ.