الصيام هو الامتناع عن شهوتي البطن والفرج من طلوع الفجر إلى غروب الشمس بنية التعبد لله عز وجل، ولا يُشتَرط لها الطهارة من الجنابة التي تحدث قبل طلوع الفجر، فيجوز تأخير الغسل لما بعد طلوعه.
وهذا تفصيل ما ذكره الأستاذ الدكتور ـ محمد سيد أحمد المسير :
هذا الموضوع وقع بشأنه جدل في ولاية مروان على المدينة في خلافة معاوية، خلاصته أن أبا هريرة كان يحدِّث: “من أدركه الفجر جنبًا فلا يَصُم” فأُنكِر عليه يومئذ، وذهبوا إلى السيدة عائشة والسيدة أم سلمة ـ رضي الله عنهما ـ فكلتاهما قالت: كان النبي ـ ﷺ ـ يصبح جنبًا من غير حلم ثم يصوم.
فرجع أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن التحديث بذلك.
فالصيام في مفهومه الشرعي هو الامتناع عن شهوتي البطن والفرج من طلوع الفجر إلى غروب الشمس بنية التعبد لله عز وجل، ولا يُشتَرط له الطهارة.
وقد أباح الله تعالى الأكل والشرب والمُعاشرة الزوجية إلى طلوع الفجر، فقال: (فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ) (البقرة:187).
ومعلوم أنه إذا جاز الجماع إلى طُلوع الفجر لزم منه أن يصبح الإنسان جنبًا ويصح صومه لقوله تعالى: (ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ).
وفي الصحيح عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن رجلاً جاء إلى النبي ـ ﷺ ـ يستفتيه وهي تسمع من وراء الباب، فقال: يا رسول الله، تدركني الصلاة وأنا جنب فأصوم فقال ـ عليه الصلاة والسلام: “وأنا تدركني الصلاة وأنا جنب فأصوم، فقال الرجل: لستَ مثلنا يا رسول الله قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فقال ـ ﷺ: “والله إني لأرجو أن أكون أخشاكم لله وأعلمك بما أتَّقِي.
وقد وجه العلماء موقف أبي هريرة السابق في فتواه بعدم صحة الصيام لمَن أصبح جنبًا بأنه محمول على مَن أدركه الفجر معاشرًا لزوجته فاستمر بعد طلوع الفجر. فإنه يُفطِر ولا يصح صومه لأنه فعل مفطرًا في وقت يجب الإمساك عنه.
أو أن هذه الفتوى كانت في صدر الإسلام عندما كان الطعام والشراب محرمًا بعد النوم مطلقًا طلع الفجر أو لم يطلع ثم نسخ ذلك بقوله تعالى: (حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ) (البقرة:187). فكان أبو هريرة يفتي بما علمه حتى بلغه الناسخ فرجع إليه.