يقول الشيخ محمد صالح المنجد : ينقل المؤرخون والمفسرون أن يوسف عليه السلام تزوج من امرأة العزيز التي راودته عن نفسه ، وذلك بعد توبتها ، وذكروا كذلك أنه أنجب منها ولدين اثنين .
قال محمد بن إسحاق رحمه الله : ” لما قال يوسف للملك : ( اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم ) قال الملك : قد فعلت ! فولاه فيما يذكرون عمل إطفير ، وعزل إطفير عما كان عليه ، يقول الله : ( وكذلك مكنا ليوسف في الأرض يتبوأ منها حيث يشاء ) ، الآية.
قال : فذكر لي – والله أعلم – أن إطفير هَلَك في تلك الليالي ، وأن الملك الرَّيان بن الوليد، زوَّج يوسف امرأة إطفير ” راعيل ” ، وأنها حين دخلت عليه قال : أليس هذا خيرًا مما كنت تريدين ؟ قال : فيزعمون أنها قالت : أيُّها الصديق ، لا تلمني ، فإني كنت امرأة كما ترى حسنًا وجمالا ، ناعمةً في ملك ودنيا ، وكان صاحبي لا يأتي النساء ، وكنتَ كما جعلكَ الله في حسنك وهيئتك ، فغلبتني نفسي على ما رأيت .
فيزعمون أنه وجدَها عذراء ، فأصابها ، فولدت له رجلين : أفرائيم بن يوسف ، وميشا بن يوسف ، وولد لأفرائيم نون ، والد يوشع بن نون ، ورحمة امرأة أيوب عليه السلام. ” انتهى.
وورد نحوه عن زيد بن أسلم التابعي الجليل ، وعن وهب بن منبه المعروف بالرواية عن الإسرائيليات .
نقل ذلك السيوطي في ” الدر المنثور ” (4/553)
وننبه إلى أن الانشغال بمثل هذه الغرائب ، وتفاصيل الأحوال التي لا تتعلق بأمر الدين والرسالة ، مما لا فائدة ترجى من ورائه ، ولذلك لم يأت تفصيل ، بل ولا ذكر لها في ديننا ، ولو كان مما يعنينا معرفته ، والوقوف على تفاصيله : لأوشك أن يأتينا بذلك خبر عن الصادق المصدوق ، ﷺ .
ولم يرد في القرآن الكريم ، ولا في السنة النبوية ، ما يثبت أو ينفي زواج يوسف عليه السلام من امرأة العزيز والتي قيل إن اسمها “راعيل” ، وقال بعضهم : اسمها “زليخا” ، ولكن استظهر الحافظ ابن كثير أن ” زليخا ” لقبها .
يقول الشيخ يوسف القرضاوي: لم يثبت ذلك، القرآن لم يحك ذلك، كل ما قاله القرآن أن امرأة العزيز قالت: {قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ * ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ * وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ} [يوسف:51 – 53]. لم يذكر لنا القرآن شيئا عن قصة زواج يوسف، لا من امرأة العزيز، ولا من غير امرأة العزيز؛ ولو كان في ذكر ذلك عبرة لذكره لنا القرآن الكريم.
وأسلوب القرآن في قصصه أنه يسوق من أحداث القصة ما فيه العبرة والعظة، وما لا عبرة فيه يسكت عنه، ونحن يسعنا ما وسع القرآن، ما سكت عنه القرآن نسكت عنه. فلا نعرف من تزوج يوسف عليه السلام، ما عندنا خبر هل تزوج بامرأة العزيز أم لم يتزوجها!! وزواجه منها مذكور في بعض التفاسير، لكن لا دليل عليه من القرآن أو السنة، والله أعلم بصحته.