المضارَبة أن يدفَع شخص مالًا لشخص آخر يتاجِر فيه على أن يُقسَّم الربح بينهما بنسبة يتفقان عليها كالنّصف أو الثلث مثلًا.
والعامل في المضارَبة ليس شريكًا في رأس مال التجارة، فهو كلّه لصاحب المال، ولا يُشاركه إلا في الرِّبح الناتج من رأس المال، فهو بمثابة الأجير الذي يؤدِّي عملًا لصاحب المال، وبدل أن يحدِّد له أجرًا معلومًا كل شهر أو كلّ سنة أو كلّ صفقة تجاريّة جعل له نسبة من الرّبح أيًّا كان قَدْرَها، ولئن كان في ذلك بعض الجَهالة من جهة المقدار فالأجر معلوم من جهة النِّسبة، ويُغتفر ذلك لحاجة الناس إلى هذه المعاملة، فقد يملك الشّخص مالًا ولا يعرف كيف يستثمره، ويملك شخص آخر المعرفة والخِبرة ولكن لا يملك المال، فيتعاونان على خيرهما وعلى خير المجتمع، وكانت هذه المعاملة معترَفًا بها أيّام النبي ـ ﷺ.
ومن هنا تكون الزكاة على صاحب المال زكاة تجارة، يخرج ربع العشر على الأصل والرّبح بعد خصم الدّيون والمصاريف التي منها حِصّة العامل، على ما رآه ابن عباس وابن عمر ـ رضي الله عنهم ـ وأخذ به ابن حزم في خصم القرض والنفقة من محصول الزروع والثمار، وتكون الزكاة على ما بَقِيَ. وهذه الزكاة في آخر الحَول، أما العامل فليست عليه زكاة؛ لأنه لا يملك شيئًا من رأس المال، وإنّما زكاته على حِصته من الربح إن بلغت نِصابًا وحال عليها الحول.