النقاب لا يصدق عليه ثوب الشهرة, وذلك لأنَّ ثياب الشهرة هي التي تدعو الناس إلى التعلق بها, وهذا إنَّما يصدق على الثياب المزركشة المزينة بشتى الألوان والتطريز؛ لقول رسول الله ﷺ في حق من تخرج لحاجتها: « وَلَكِنْ لِيَخْرُجْنَ وَهُنَّ تَفِلاَتٌ » أي: معطلات من الزينة, وكما تتزيَّن المرأة بالأصباغ فإنَّه قد تتزيَّن بالثياب كذلك, والنقاب ليس زينة, وليس من ثياب الشهرة.
وإنَّما اتفق فقهاء السلف على فرضيته في حقِّ المرأة الوضيئة الوجه, والتي يخشى الافتتان بها إذا كانت سافرة الوجه, وأدلة الشرع على هذا كثيرة, يضاف إلى هذا أنَّه إن كانت عادة النساء في الجاهلية أن يتنقبن إلا أنَّ الإسلام أقر عليه, وهذا دليل على مشروعيته, كما أقرَّ على النكاح الذي كان يعقده أهل الجاهلية, وأقرَّ على النذر وفق عادة أهل الجاهلية في نذورهم, وأقرَّ على القسامة في جناية القتل، وقد كانت من عادة أهل الجاهلية, وقد أقرَّ الإسلام كثيرا من المعاملات التي جرى عرف الناس وعادتهم على التعامل بها, وكونها عادة لم يمنع من شرعيتها, وأدلة شرعية هذه الأمور لا ينكرها إلا جاحد أعمى الله تعالى بصره وبصيرته عن الحق.
والأولى بمن يهمزون ويلمزون في النقاب أن يكون همزهم ولمزهم في حقِّ ثياب المتبرجات شبه العرايا, فإنَّ ثيابهن هي الأولى بأن تكون موضع نكير المنكرين.