جعل الله تعالى البيت سكنًا، تسوده المودة والرحمة، وجعل الزوج مسئولا عن هذا البيت، فإذا ما تعكر صفو البيت كان على الزوج أن يعيد صفوه، ومن وسائل ذلك الموعظة، والهجر والضرب غير المبرح .
ومدة الهجر ليس لها حد أقصى، بل تقدر بقدرها، ولا تزيد هذه المدة أكثر من اللازم، وحدها الأقصى أربعة أشهر، فهو وسيلة إصلاح لا إضرار .
يقول الأستاذ الدكتور عجيل النشمي أستاذ الشريعة بالكويت:
الهجر وسيلة من وسائل إصلاح الزوجة أو التأديب، وهو الإصلاح على مراحل ثلاث :
الأولى :الموعظة الحسنة، وذلك بالجلوس مع الزوجة ومناقشة الموضوع سوياً، بالكلمة الطيبة والتوجيه الحسن، هذا إذا كان خطأ الزوجة واضحاً ووصل إلى عصيان الزوج والخروج عن طاعته، أو التقصير في حقوقه .
والثانية : الهجر، والمراد منه ترك فراش الزوجية، في المبيت، وقد يكون الهجر في فراش الزوجية، أو في غير فراش الزوجية، لكن ليس من الهجر ترك البيت، فهذا فهم خاطئ للهجر، ولا يجوز أن يطول الهجر، وإنما يكون بالقدر الذي يصلح الحال، وليس الهجر علاجاً حتمياً، فإن من النساء من لا يصلح الهجر معها، وتصلح معها الكلمة الطيبة والنصيحة، والحوار الهادئ، فالمدة بيد الزوج يقدرها، وقد تكون إطالة المدة سبباً لزيادة المشكلة، وقد ذكر بعض الفقهاء أن أقصى مدة للهجر أربعة أشهر .
الثالثة : الضرب، وهو آخر الوسائل، ولا يصلح إلا لنوع من النساء، وليس النص عليه لوجوب فعله وإنما باعتباره وسيلة قد تصلح مع بعض النساء،ولا يكون الضرب لأمر هين، بل لكبائر الأمور، وهذا ما بينه النبي ﷺ في حجة الوداع حين قال: “استوصوا بالنساء خيراً، فإنما هن عوان أي أسيرات عندكم، ليس تملكون منهن شيئاً غير ذلك إلا أن يأتين بفاحشة مبينة، فإن فعلن، فاهجروهن في المضاجع، واضربوهن ضرباً غير مبرِّح، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً .
وقد قال ابن عباس في تفسير الضرب بأنه الضرب بالسواك ونحوه، وهذا يشير إلى أن الضرب ليس مقصوداً لذاته، ولا للإيذاء، وإنما بمعناه وسيلة تأديب، فمن لا يجدي معها ذلك لا يجوز للزوج أن يفعله، وقد ورد ما يشير إلى أن خيار الرجال لا يفعلون ذلك في حديث للنبي ﷺ .
ومرجع وسائل التأديب قوله تعالى: “وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا(34)” (النساء). أ.هـ