الروضةالشريفة ليست من الجنة حقيقة،ولكن التعبير من باب المجاز،أي أن الروضة كأنها من الجنة،من حيث إنها قريبة من بيت الرسول ﷺ،فكانت الصلاة فيها مقربة للجنة.
يقول الشيخ حسنين مخلوف ،مفتي مصر الأسبق:
هذا الكلام خرج مخرج المجاز، والمراد أن هذه البقعة الشريفة خصَّها الله تعالى بمزيد الفضل لمزيد قربها من بيت رسوله ـ ﷺ ـ ومنبره الذي ينشر من فوقه عِلم الإسلام وتعاليمه، فكانت الصلاة فيها مؤدية إلى الجنة ونعيمها. وهذا كما يقولون في اليوم الطيب الهواء العليل النسيم الذي لم يقع فيه ما يسوء وجرت ساعاته بالخير: هذا من أيام الجنة.
وكما قيل في الضأن إنها من دواب الجنة، كناية عن بركتها وخيرها وعِظم النفع بها، وكما قال عليه الصلاة والسلام: “إن الجنة تحت ظلال السيوف” كناية عن عِظم فضل الجهاد، وإلا فقد تكون الأرض التي يقع عليها الجهاد أرض كفر بل أكثر ما تكون كذلك.
والمقطوع به في كل ذلك أنه ليس المراد بالجنة جنة الخلد ؛ لأن الله تعالى وصفها بقوله: (إنَّ لك أنْ لا تجوعَ فيها ولا تَعْرَى. وأنَّك لا تَظمأُ فيها ولا تَضْحَى) وبقعة الروضة الشريفة بالمدينة ليست على هذه الصفة، فتبين أن الكلام خرج مخرج التَّجوُّز.
وهذا مثل ما ورد في حديث مسلم: ” سَيحان وجَيحان والفرات والنيل كلها من أنهار الجنة” فإنه ليس المراد كما ظن بعض الجهال أنها آتية من الجنة، بل المراد أن هذه الأنهار لبركتها وعظم النفع بها كأنها من الجنة فأضيفت إلى الجنة تَجوُّزًا بهذا المعنى، وإلا فالمحسوس غير ذلك ،ووصف الجنة لا ينطبق عليها.
واستعمال المجاز والكناية كثير في القرآن وفي كلام أفصح العرب الذي أُوتي جوامع الكلم صلوات الله وسلامه عليه، وفي كلام الصحابة الفصحاء وخاصة في عهد ازدهار اللغة والبلاغة ، ففيه تصريح بما قلنا. والله أعلم.انتهى
وعليه فإن الروضة ليست من الجنة حقيقة ،بل هي من سبيل المجاز.