ذهب جمهور الفقهاء في القوم الذين تهدمت بهم الدور فلا يعلم أيهم مات أولا ومن مات ثانيا أنه لا يرث بعضهم بعضا، وفي هذا الحالة يستبعد العلماء كل من الأصل والفرع الذين ماتوا في الهدم، ثم يقومون بتوزيع التركة بعد استبعادهم. ويعطون مال كل واحد منهم لورثته الأحياء، وهذا الرأي هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية أيضاً.
وقال الرحبي في منظومته:
وإن يمت قوم بهدم أو غرق      أو حادث عم الجميع كالحرق
ولم يكن يُعلم حال الســــابق       فلا تورث زاهقــــاً من زاهق
وعُدَّهم كأنهم أجـــــــانب       فهكذا القــول السديد الصائب
على أن الإمام علي وابن مسعود ذهبا إلى أن بعضهم يرث من بعض إلا فيما ورث كل واحد منهم من صاحبه.

جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية:
قال السرخسي : اتفق أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وزيد بن ثابت رضي الله عنهم في الغرقى والحرقى إذا لم يعلم أيهم مات أولا أنه لا يرث بعضهم من بعض , وإنما يجعل ميراث كل واحد منهم لورثته الأحياء , وبذلك قضى زيد في قتلى اليمامة , وفيمن مات في طاعون عمواس , وفي قتلى الحرة , ونقل عن الإمام علي في قتلى الجمل وصفين , وهو قول عمر بن عبد العزيز , وبه أخذ جمهور الفقهاء .

وروي عن علي وابن مسعود في رواية أخرى : أن بعضهم يرث من بعض إلا فيما ورث كل واحد منهم من صاحبه, لأن سبب استحقاق كل واحد منهم ميراث صاحبه معلوم , وهو حياته , وسبب الحرمان مشكوك فيه , فيجب التمسك بحياته حتى يأتي بيقين آخر , وسبب الحرمان موته قبل موت صاحبه , وذلك مشكوك فيه , فلا يثبت الحرمان بالشك إلا فيما ورث كل واحد منهما من صاحبه لأجل الضرورة , لأنه إذا أعطينا أحدهما ميراث صاحبه فقد حكمنا بحياته فيما ورث من صاحبه , ومن ضرورته الحكم بموت صاحبه قبله , ولكن الثابت بالضرورة لا يعدو موضع الضرورة , وقد تحققت الضرورة فيما ورث كل منهما من صاحبه , وفيما سوى ذلك يتمسك بالأصل , وذلك عملا بالقاعدة القائلة : ( إن اليقين لا يزول بالشك ) . وهي أصل لأحكام كثيرة .

ووجه قول المانعين من الميراث أن سبب استحقاق كل منهما ميراث صاحبه غير معلوم يقينا , والاستحقاق ينبني على السبب , فما لم يتيقن السبب لا يثبت الاستحقاق , وفي الفقه أصل كبير : أن الاستحقاق لا يثبت بالشك .أهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في مجموع الفتاوى:

وفى من عمى موتهم فلم يعرف أيهم مات أولا، فالنزاع مشهور فيهم، والأشبه بأصول الشريعة أنه لا يرث بعضهم من بعض، بل يرث كل واحد ورثته الأحياء، وهو قول الجمهور، وهو قول فى مذهب أحمد لكن خلاف المشهور فى مذهبه، وذلك لأن المجهول كالمعدوم فى الأصول كالملتقط لما جهل حال المالك كان المجهول كالمعدوم فصار مالكا لما التقطه لعدم العلم بالملك.