مصطلح العولمة من المصطلحات الغائمة التي اختلف الناس في تعريفها ، وصارت مثار خلافات بين الكثيرين ، فهناك من فسّر العولمة تبعا للجانب الذي سوف يدرسها فيه ، فهناك عولمة الاقتصاد ، وهناك عولمة الأدب ، وهناك عولمة الثقافة ، وغير ذلك .
فيقوم بشرح العولمة في الجانب الذي سينظر إليها منه .
وهناك من عرّف العولمة على أنها تعني إزالة الحدود الاقتصادية والعلمية والمعرفية بين الدول, ليكون العالم أشبه بقرية صغيرة ، وبهذا تذوب التقافات والقوميات بين الشعوب ، وتنصهر في بوتقة واحدة .
هدف من يروج للعولمة
يهدف مروجو العولمة من وراء هذه الظاهرة إلى فرض فكرها وثقافتها ومنهجها في الحياة على غيرها من الأمم والشعوب ، والسيطرة عليها ، وهذه السيطرة تكفل لها التفوق الاقتصادي والاستفادة من خيرات الأمم التي تتبعها .
كما أن فرض الأفكار هو ما تبحث عنه العولمة حيث تهدف إلى فرض نموذج معين .وقد استحدثت له نمط للتفكير لا يجنى منه إلا الهلاك.
وقد قام الكثير من الشعوب بمناهضة العولمة والتصدي لها ، وعلى الأمة الإسلامية أن تتعامل مع هذه الظاهرة بحرص فتقبل منها ما تستفيد منه في نشر دينها و رفعة دنياها مثل ثورة الاتصالات الحديثة ،و عليها أن تتجنب سلبيات العولمة ، ولن يتأتى ذلك إلا بتعميق معرفة الثقافة الإسلامية والتمسك بها وتعميمها على مستوى الأفراد، والجماعات ، وفي شتى المجالات والأنشطة .
العولمة حقيقتها وأهدافها وموقف الأمة منها
جاء في مجلة البحوث الفقهية المعاصرة التي تصدر في السعودية بحث بعنوان العولمة حقيقتها وأهدافها وموقف الأمة منها ، اقتطفنا منه ما يلي :
الإسلام هو الدين العالمي الوحيد الذي جاءت شريعته لكل البشر – كما أوجزنا ذلك في المقدمة – وهو مع ذلك يستغرق أي فكرة أو نظرية لا تتعارض مع أسسه وقواعده؛ فكل ما ينفع الإنسان في دينه ودنياه يعد مباحًا، وكل ما يضره في دينه ودنياه يعد محرمًا، لهذا فليس للإسلام موقف معاد للعولمة إذا لم يكن فيها ما يخالف أسسه ومبادئه، لأن مصلحة الأمة في دينها ودنياها تأتي فوق كل اعتبار؛ فتبادل السلع بين الأمم والأمة أمر مشروع، ولكن يشترط أن تكون هذه السلع مباحة في ذاتها فليس في الخمر منفعة يمكن تبادلها، وليس في لحم الخنازير منفعة يجوز تبادلها .
وليس في كل ما يضر المسلم في سلوكه وخلقه منفعة يمكن قبولها، وإذا كان في تخطي الحواجز في الحدود منفعة ظاهرة للأمة فالإسلام يبيح هذه المنفعة ولكنه يحرم أي وسيلة تجعل من أوطان المسلمين مكانًا للفساد .
وإذا كان في أنواع الثقافة من أدب وفكر ونحوه منفعة ظاهرة للأمة فالإسلام يبيح هذه المنفعة، ولكنه يحرم أشد التحريم كل الفواحش ما ظهر منها وما بطن؛ فإذا كان أي نمط من أنماط الثقافة يؤدي إلى الفواحش كما هو الحال في بعض المؤتمرات التي تنادي بتحرر المرأة من القيود، وإباحة التزاوج بين الجنس المتماثل فهذا محرم في ذاته وفي كل وسيلة تؤدي إليه، بل إن الإسلام يحذر من عقاب الله عليه بما قصة في كتابه العزيز عما حلّ بالأمم البائدة من الهلاك والدمار بسبب فسوقها، وفجورها، وانتهاكها لسنن الله في خلقه.
وإذا كان في تبادل العمالة بين الأمة والأمم الأخرى منفعة ظاهرة فهذا التبادل مباح، بل قد يكون مطلوبًا إذا كان يساعد الأمة في تنميتها وتطوير قدرتها في العلوم ونحوها، ولكن لا يجوز أن يكون هذا التبادل وسيلة لتأسيس معابد أو نقل فكر، أو ثقافة أو خلافها مما يتعارض مع عقيدة الأمة، وأخلاقها وحضارتها.
وهكذا في كل أمر مماثل يتخذ اسمًا أو شكلاً، أو وصفًا من الأوصاف لأن عقيدة المسلم واضحة في أن دينه هو الدين الحق الصالح، وأن دينه هو الدين الحق الصالح، وأن دينه هو الدين الخاتم لكافة الأديان، وأن رسالته هي الرسالة الخالدة، والرسالة العامة الصالحة والنافعة لجميع البشر على اختلاف ألوانهم، وأجناسهم، وأزمانهم، وأماكنهم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
قال سبحانه وتعالى:(إن الدين عند الله الإسلام وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيًا بينهم ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب) [آل عمران: 19]، (فإن حاجوك فقل أسلمت وجهي لله ومن اتبعن وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين أأسلمتهم فإن أسلموا فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما عليك البلاغ والله بصير بالعباد) [آل عمران: 20]
ذلك هو قول الله في كتابه العزيز ، وهو الحق المبين.