لفظ ” فرعون ” يُطلَق على كلِّ مَن ملك مصر من القدماء، مثل كسرَى للفرس، وقيصر للروم، والنّجاشي للحبشة، وفرعون موسى المذكور في القرآن واحد منهم. قال المسعودي : لا يُعرف لفرعون تفسير بالعربيّة، وقال الجوهري : كل عاتٍ فِرعون والعُتاة الفَراعنة، وهو ذو فَرعنة أي دَهاءْ ومكْر، وفي الحديث ” أخذنا فرعون هذه الأُمّة”، ذكره القرطبي ” ج 1 ص 353 “.
وبخصوص فرعون موسى جاء في مقال للمرحوم الشيخ فكري ياسين نشر بمجلة الأزهر ” المجلد العاشر ص 303 ” أنّ ما كُتِبَ قديمًا وحديثًا يؤخَذ منه أن موسى عليه السلام أدركَ عهدي مَلِكين من ملوك الأسرة التاسعة عشرة، يقال للأوّل منهما ” فرعون الاضطهاد ” لأنّه اضطهد بني إسرائيل، ويقال للثاني:” فرعون الخروج ” لأنّهم خرجوا من مصر في عهده .
وفرعون الاضطهاد هو رَمسيس الثاني المعروف باسم”رمسيس الأكبر” وقد وُلِدَ موسى في زمنه وتَربّي في قصره، وكانت آثارُه عظيمة أُعْجِب بها مَن جَاؤوا بعده حتى سُمِّي عشرة منهم باسمِه، وكان قد بلغه ما هو مشهور يؤمئذٍ أن بني إسرائيل سيخرُج منهم غُلام يكون هلاك ملك مصر على يديه، فأمر بذبح أبنائهم كما نصّ عليه القرآن الكريم. ومات بعد أن حكم 67 سنة، ودُفن بمَقبرة ” بيبان الملوك ” ثم نُقل إلى الأقصر، ثُم إلى مُتحَف بولاق .
وأما فرعون الخروج فهو “مِنْفتاح الأوّل”، الابن الثالث عشر لرمسيس الأكبر، وقد أشركه أبوه معه في الحكم قبل وفاته، وعاصر موسى وهو يتربَّى في بيت أبيه، وكان مُولَعًا بِتَشيِيد المَباني كأبيه، وكان يَمحو أسماء الملوكِ من الآثار لينقُش اسمه مكانها. وظلّ على اضطهاد بني إسرائيل حتى أرسل الله إليه موسى وهارون لدعوة التوحيد والخروج ببني إسرائيل من مصر. وكانت النتيجة غَرقَه في البحر، وإنقاذ الله لجُثَّته ليصدِّق بنو إسرائيل أنه قد مات، ووجدت جُثّته مع جُثَثٍ أخرى في قَبر ” أمنحتب الثاني ” بالأقصر، ثم وضعت أخيرًا في المُتحَف .
وجاء في المجلد الرابع والثلاثين من جلة الأزهر ” ص 742 ” ما يؤكِّد ذلك، حيث يوجد في المتحف لَوْح كبير من الحجر الأسود اللون عليه قصة خروج بني إسرائيل في عهد منفتاح .