المؤلفة قلوبهم هم قوم دخلوا في الإسلام من غير أن يرسخ الإيمان في قرارة نفوسهم وقد كان لهم تأثير في مجتمعهم بسبب مكانتهم الاجتماعية، ومن بين هؤلاء أبو سفيان بن حرب، ويعلى بن أمية، فقد كان النبي يعطيهم نصيباً من الزكاة من أجل تأليفهم، لما لهم من مكانة في مجتمعهم القرشي.
قال الله تعالى: ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ) (سورة التوبة: 60) والمؤلَّفة قلوبهم: منهم مسلمون، ومنهم كافرون.
والمؤلفة قلوبهم في القرآن الكريم: الذين تؤلف قلوبهم بأن يقرب الإسلام إلى نفوسهم بعد أن كانوا ينفرون منه. وهؤلاء الذين كان فيهم هذا الوصف كانوا على طوائف مختلفة، فمنهم الكبراء الذين يتزعمون قبائل فيعطى لهم من الصدقات ما يؤلفون به الضعفاء ليقربوا، ويأتلفوا الإسلام.
هل المؤلفة قلوبهم مسلمون:
المؤلفة قلوبهم من المسلمين أربعة أقسام:
القسم الأول: قَوم سادات المسلمين لهم نظراء من الكُفَّار، إذا أعْطيناهم من الزَّكاة يُرجَى إسلامُ نُظَرائهم، كعديِّ بن حاتم والزَّبْرَقان بن بدر حيث أعطاهما أبو بكر مع حُسن إسلامهما.
القسم الثاني: زعماء ضُعفاء الإيمان لكنَّهم مُطَاعُون في أقوامهم، ويُرجَى بإعْطائهم من الزكاة تثبيت الإيمان في قلوبهم، كمَن أعطاهم النبي ـ ﷺ ـ في غزْوة حُنَين، وهم مُسْلمة الفتح، أي الذِين دخلوا في الإسلام حديثًا عند فتح مكة التي كانت غزوة حُنين عقب الفتح قبل أن يعود النبي ـ ﷺ ـ إلى المدينة.
القسم الثالث: قوم من المسلمين يُخشى أن يستميلهم العدو لمصلحته، وهم العملاء الذين يَنْشَطون حين يَرون الفائدة مُيسَّرة لهم.
القسم الرابع: قوم من المسلمين يُحتاج إليهم لجباية الزكاة؛ لأنهم ذَوُو نفوذ في أقوامهم، لا تُجْبى إلا بِسُلطانهم أو بقتالهم، فيُرتكب أخفُّ الضررين ويُعْطَوْن شيئًا من الزكاة بدل أن تضيع كلها.
هل المؤلفة قلوبهم كفار:
أما الكافرون من المؤلَّفة قلوبهم فهم قسمان:
القسم الأول: من يُرْجى إيمانه كصفوان بن أمية الذي أعطاه الرسول من غنائم حنين.
القسم الثاني: من يُخشى شرُّه فيُعطَى من الزكاة ليُكفَّ شره عن المسلمين كأبي سفيان، وعُيينة بن حصن، والأقرع بن حابس.
ويقال : إن هؤلاء أسلموا في فتح مكة قبل أن يُعطيهم النبي ـ ﷺ ـ من حُنين، فهم داخلون في القسم الثاني من المسلمين.
هل تعطى الزكاة للمؤلفة قلوبهم:
–الإمام الشافعي قال: لا تُعطى الزكاة إلى المؤلَّفة قلوبهم إلا إذا كانوا مسلمين، فلا تُعطى لكافر، وأما الفاسق فلا مانع من إعطائه.
-وقال أبو حنيفة وأصحابه: إنَّ سهم المؤلفة قلوبهم قد سقط بانتشار الإسلام، كما فعل عمر ـ رضي الله عنه ـ فلا تُعطى الزَّكاة لأحد منهم، مسلمًا كان أو كافرًا.
-والمختار الآن عدم إعطاء الكفار من هذا السهم لدفع شرهم، وإن جاز إعطاؤهم من سهم ” سبيل الله” لأنه جهاد، والجهاد وسائله كثيرة، منها المال، ويُمكن الرجوع إلى تفسير المنار لمَن يريد مزيدًا من التوضيح، وكذلك إلى ” المغني لابن قدامه” باب الزكاة.