القرآن الكريم هو خير ما يشغل به المسلم نفسه قراءة و تدبرا وحفظا وفهما ، بل قال النبي :” خيركم من تعلم القرآن و علمه .
وروى الحاكم في مستدركه بسند صحيح عن عبد الله بن مسعود أنه قال :
“إن هذا القرآن مأدبة الله فاقبلوا من مأدبته ما استطعتم ، إن هذا القرآن حبل الله المتين ، والنور المبين ، والشفاء الناجع ، عصمة لمن تمسك به ، ونجاة لمن اتبعه ، لا يزيغ فيستعتب ، ولا يعوج فيقوَّم ، ولاتنقضى عجائبه ، و لا يخلق من كثرة الرد .‏ اتلوه فإن الله يأجركم على تلاوته ، كل حرف عشر حسنات .‏ أما إنى لا أقول :‏ الم حرف ، ولكن ألف حرف ولام حرف ، وميم حرف ” .

فضل القرآن الكريم :

يقول فضيلة الأستاذ الدكتور الحسيني أبو فرحة ـ الأستاذ بجامعة الأزهر الشريف ـ :
-القرآن الكريم كلام الله عز وجل. وفيه يقول الرب سبحانه: “من شغله القرآن عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين. وفضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله على خلقه”. رواه الترمذي.
وأنعم بهذين الميزتين فقراءته تغني الإنسان عن سؤال حاجاته، بل تصل به إلى أن يعطى أفضل ما يعطاه السائلون.

-وفضله كفضل الله على خلقه، فالاشتغال بتلاوته اشتغال بأفضل ما يشغل به المسلم نفسه.

-ومن هنا فتعلم القرآن خير ما يتعلمه المسلم، ثم بعد ذلك عليه أن يتعلم علمًا يتكسب به معاشه، قال : “خيركم من تعلم القرآن وعلمه”. متفق عليه.

-ومن تعلم القرآن ثم علمه لغيره، فهو خير الناس. فهو قد جمع بين تكميل نفسه بتعلم القرآن، وتكميل غيره بتعليمه القرآن. هذا ومن لازم تعلم القرآن وتعليمه للغير. حفظه وفهمه والعمل به. فمن حفظه وفهمه ولم يعمل به فهو حجة عليه.

-وتلاوة القرآن عبادة يؤجر عليها المسلم. قال : “من قرأ حرفًا من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها. لا أقول ألم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف”. رواه الترمذي وقال:حديث حسن صحيح.

-ومن هنا يعكف صالحو المؤمنين على كثرة تلاوة القرآن، ويتنافسون في ذلك طلبًا لثواب تلاوة القرآن.
قال مشيرًا إلى هذا التنافس في تلاوة القرآن: “لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله القرآن، فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار، ورجل آتاه الله مالاً فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار” متفق عليه.
والحسد هنا مراد به التنافس في فعل الخير، وتمنى فعل ذلك من كثرة التلاوة، وكثرة النفقة في سبيل الله.

-وكان رسول الله يحيي الليل بين الثلث والثلثين، فلا يزيد عن الثلثين، ولا ينقص عن الثلث. قال تعالى: “إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك”.
-وكان سيدنا عثمان يحيي الليل كله بركعة يجمع فيها القرآن.
-قال ابن سيرين: قالت نائلة زوج سيدنا عثمان رضي الله عنه. حين دخلوا على عثمان ليقتلوه:إن تقتلوه أو تدعوه فقد كان يحيي الليل كله بركعة يجمع فيها القرآن”
قال ابن كثير :هذا حديث حسن. وعن ابن سيرين أيضًا. أن تميمًا الداري قرأ القرآن في ركعة.
-وعن الإمام الشافعي رضي الله عنه أنه كان يختم في اليوم والليلة من شهر رمضان ختمتين، وفي غيره ختمة. وكل هذا رواه ابن كثير في ذيل تفسيره. في فضل القرآن الكريم.
-والماهر في القراءة مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن بمشقة له أجران.
-عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله : “الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران” متفق عليه.
وإنما يؤجر الذي يقرأ ويتتعتع في القراءة، إذا كان يقرأ بين يدي من يعلمه ويصحح له قراءته.

ولمزيد فضل تلاوة القرآن تتنزل الملائكة لسماعه، وتنزل السكينة على المجتمعين لتلاوته، وتغشاهم رحمة الله عز وجل، ويذكرهم الله في الملأ الأعلى.
قال : “ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله، ويتدارسون فيما بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده”. رواه مسلم.

فضل تعلم القرآن:

تعلم آية من كتاب الله خير من تملك ناقة وهي أنثى الإبل، وثمنها الآن يقارب آلاف من الجنيهات. والنوق خير مال العرب آنذاك.

ومن تعلم آيتين فهو خير له من امتلاك ناقتين. عن عقبة بن عامر قال: خرج علينا رسول الله ونحن في الصفة فقال: أيكم يحب أن يغدو كل يوم إلى بطحان أو إلى العقيق، فيأتي منه بناقتين كوماوين في غير إثم ولا قطيعة رحم؟ فقلنا: يا رسول الله كلنا نحب ذلك. قال: أفلا يغدو أحدكم إلى المسجد فيتعلم، أو فيقرأ آيتين من كتاب الله عز وجل خير له من ناقتين، وثلاث، وأربع، خير له من أربع، ومن أعدادهن من الإبل. رواه مسلم.

هذا وبطحان، والعقيق أسماء لأماكن حول المدينة. ومعنى كوماوين: أي عظيمتين سمينتين، وهكذا فالقرآن خير كله،قراءته عبادة وتعلمه عبادة، والعمل به عبادة، والاستماع إليه عبادة.
فخذ حظك منه أخي المسلم،تسعد في دينك ودنياك.