معنى “العليم” و”العالم” و”العلام” في اللغة:

العلم: نقيضُ الجَهل، ورجلٌ عالمٌ وعليمٌ من قومٍ عُلماء، وعلاَّم وعلاَّمة، إذا بالغتَ في وَصْفه بالعلم، أي: عالمٌ جداً.

وعلمتُ الشيءَ: عَرَفْته وخبرته، وعَلِمَ بالشَّيء: شعر به.

والعَليم: على وزن فَعِيل؛ مِنْ أبْنية المبالغة.

اسم الله “العليم” و”العالم” و”العلام” في القرآن الكريم:

ورد اسمه”العليم” في مائةٍ وسبعةٍ وخمسين موضعاً من الكتاب؛ منها:

قوله تعالى: (قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) (البقرة: 32).

وقوله: (واللّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) (آل عمران: 154).

وقوله: (وَأَنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (المائدة: 97).

وقوله: (بَلَى إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) (النحل: 28). َ

وقوله: (قالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمَاء وَالأَرْضِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (الأنبياء: 4).

وقوله: (يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ) (الروم: 54).

وقوله: (وَكَفَى بِاللّهِ عَلِيماً) (النساء: 70).

وقوله: (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) (يس: 38).

أما”العَالِم” فقد ورد هذا الاسم في القرآن: ثلاثَ عشرة مرةً؛ منها:

قوله تعالى: (وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّوَرِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ) (الأنعام:73).

وقوله تعالى: (ثمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) (التوبة: 94).

وقوله: (عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ) (الرعد:9).

وقوله: (عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (التغابن: 18).

أما”العَلاّم” فقد ورد هذا الاسم في أربعة مواضع؛ وهي:

قوله تعالى: (قَالُواْ لاَ عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ) (المائدة: 109).

وقوله: (تعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ) (المائدة: 116).

وقوله عز وجل: (أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللّهَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ) (التوبة: 78).

وقوله: (قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ) (سبأ: 48).

معنى “العليم” و”العالم” و”العلام” في حق الله تبارك وتعالى:

قال ابن جرير: إنّك أنتَ يا ربنا العليمُ مِنْ غير تعليم، بجميعِ ما قد كان؛ وما هو كائنٌ، والعالم للغيوب دُون جميع خَلْقك. وقال: إنّ الله ذُو علمٍ بكلّ ما أخْفته صُدور خَلْقه، مِنْ إيمانٍ وكُفرٍ، وحقٍّ وباطلٍ، وخيرٍ وشر، وما تَسْتجِنّه مما لم تُجِنّه بعد.

وقال الخطابي: هو العَالم بالسّرائر والخَفِيات؛ التي لا يُدركها علمُ الخَلق، كقوله تعالى: (إنَّ الله عليمٌ بذاتِ الصدُور) (لقمان: 23). وجاء على بناء فعيل للمبالغة؛ في وصفه بكمال العلم؛ ولذلك قال سبحانه: (وفوقَ كل ذِي علمٍ عليم) (يوسف: 76).

قال ابنُ منظور رحمه الله: فهو اللهُ العالم بما كانَ؛ وما يكونُ قبلَ كونه، وبما يكونُ ولمّاَ يكن بعدُ؛ قبلَ أنْ يكون، لم يَزَل عالماً؛ ولا يزالُ عالماً بما كان وما يكون، ولا يَخْفى عليه خافية في الأرْض؛ ولا في السَّماء، أحاطَ علمُه بجميع الأشياء؛ باطنِها وظاهِرها، دقِيقها وجَليلها، على أتمَّ الإمكان.

وقال عبدالرحمن السّعدي: وهو الذي أحَاطَ علمُه بالظَّواهر والبَواطن؛ والإسْرار والإعْلان، وبالواجِبات والمُسْتحيلات والمُمْكنات، وبالعَالم العلوي والسُّفلي، وبالمَاضي والحاضر والمستقبل، فلا يخفى عليه شيءٌ مِنَ الأشْياء.

من آثار الإيمان باسم الله “العليم” و”العالم” و”العلام”:

1- إثباتُ العَلمِ التّامِ الكامل الشّامل لله وحْده لا شريك له، ولا يُشابهُه أحدٌ مِنْ مخلوقاته في كَمَال عِلْمه. وقد أثبتَ اللهُ عزَّ وجلّ لنَفْسه العِلْم الكامِلُ الشَّاملُ، في آياتٍ كثيرة، منها:

قوله تعالى: (إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً) (طه: 98).

وقوله: (وسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْماً) (غافر: 7).

وقوله: (أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً) (الطلاق:12).

ففي هذه الآيات: إثباتُ علْمه بكلِّ شيءٍ من الأشياء، دقيقها وجَلِيلها، صَغيرها وكبيرها، كما قال سبحانه: (وعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ) (الأنعام: 59). وقال: (وأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً) (الجن: 28). وقد أنكر بعضُ الفَلاسفة ومَنْ تابعهم؛كابنِ سيناوغيره؛ عِلْمه تعالى بالجزئيات؟ فقالوا: إنّه يَعْلم الأشياء على وجهٍ كلّي لا جُزئي !! وقد ردّ شيخ الإسْلام ابنُ تيمية عليهم في كتابه”دَرْء تَعَارضِ العقل والنقل”. وكيف لا يُحيطُ تعالى عِلماً بكلّ شيء؟! وهو قد خَلَقَ كلَّ شيء؟! قال سبحانه: (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) (الملك: 14). فقبح الله مَنْ رَمَى ربّه بالجَهْل وعدم العلم، وهو يأنفُ أنْ يُوصفَ بشيءٍ من ذلك!!

2- إنّ الله سُبحانه لكمالِ عِلْمه يَعْلم ما كانَ وما يَكون، وما لم يكنْ لو كان كيف يكون؟ أي: أنه سبحانه يَعلمُ الأمورَ المَاضية التي وقعتْ، والأمْور المُستقبلة التي لم تقعْ بعد، ويعلمُ الأمورَ التي لن تقعْ؛ لو فُرِض أنها تقع؛ كيفَ تقع؟ وهذا مِنْ كمال عِلْمه بالغيب؛ وعواقب الأمور، وهو معتقدُ أهلِ السُّنة والجماعة، والأدلة على ذلك كثيرة؛ منها:

-قوله تعالى: (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ) (القمر: 49). -وقوله تعالى لإبْليس عليه لعنة الله: (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ) (ص: 85). وهو خَبَرٌ عن المستقبل.

-وقوله: (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ * وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ) (الصافات: 171- 172).

-وقوله تعالى: (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ) (الحج: 70).

وقوله: (اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَّرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ) (المزمل: 20). أي: عَلِمَ اللهُ أنكم لنْ تَسْتطيعوا القيامَ بما أمركم به مِنْ قيام الليل، لأنه سيكونُ منكم مَرْضى؛ وآخرونَ يُجاهدون في سبيل الله، وآخرون مُسَافرون في الأرض؛ يَبْتغون فَضْل الله في المَكاسب، فقوموا من الليل بما يتيسر. وقوله تعالى: (فعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحاً قَرِيباً) (الفتح: 27).

وذلك عِلْمه تعالى بمن كان بمكة من الرجال والنساء المؤمنين، الذين لم يَعْلمهم المؤمنون، ولو دخلوها في ذلك العام؛ لوطئوهم بالخيل والسلاح؛ فأصابتهم منهم معرّة الإثم بغير علم، فردّهم الله عن مكة من أجل ذلك. وقوله سبحانه: (مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ) (الحديد: 22). أي: ما تقع مِنْ مصيبةٍ في الأرض، من قَحْطٍ أو طُوفانٍ أو صَاعقةٍ وغير ذلك، (وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ) أي: مِنَ الأمْراض والمصائب والبلاء، إلا كان ذلك مَكْتوباً في اللوح المَحْفوظ؛ مِنْ قبل أنْ نَخْلق الخَليقة، ونَبْرأ النَّسْمة، كما جاء في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:” كَتَبَ اللهُ مَقاديرَ الخَلائقِ؛ قبلَ أنْ يَخْلقَ السّماواتِ والأرضَ؛ بخَمْسينَ ألف سَنَة، قال: وكانَ عَرْشُهُ على المَاء”.

3- وقد خالف في ذلك القَدَريّة القدماء- قبحهم الله – فقالوا: إنّ الله لا يَعْلم الأمر قبلَ وُقوعه؟!! وإنما يَعْلمه بعد وقوعه !! وقد حدث القولُ بهذا في أواخر عصر الصحابة. فقالت القدرية: إن الأمر أُنُفٌ أي: مستأنفٌ؛ لم يَسْبق به قدر؟ ولا علم من الله تعالى ؟وإنما يعلمه بعد وقوعه؟ أي: إنَّ الله أمرَ العبادَ ونهاهم؛ وهُو لا يَعلم مَنْ يطيعه بعد وقوعه! ولا مَنْ يعصيه ! ولا مَنْ يدخل الجنة ممن يَدْخل النار؛ حتى فعلوا ذلك، فعَلِمه بعد ما فعلوه؟!.

4- إنَّ الخَلْقَ لا يُحيطُونَ علماً بالخَالق – أي: لا يَعْلمون شيئاً عن ذاته وصفاته – إلا ما علَّمهم وأطْلعهم الله سبحانه عليه، عنْ طريق رُسُله؛ وكُتبه المُنزلة؛ قال تعالى: (وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء) (البقرة: 255)؛ وقال: (وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً) (طه:110).

5- بل وعلى وجه أعمّ، أنَّهم لا يَعْلمُون شيئاً مِنَ المعلومات؛ إلا بتعليمِ اللهِ لهم، فكلُّ علمٍ شَرْعي وقَدَري؛ فمَرْجعه إلى اللهِ العَليمِ الحَكيم، كما قالتِ المَلائكة: (سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) (البقرة: 32). وقال عزّ وجل: (وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (البقرة: 282). وقال سبحانه : (وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا) (البقرة:31). وقال مخاطباً نبيه صلى الله عليه وسلم: (وَأَنزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ) (النساء: 113). وقال عن يوسف صلى الله عليه وسلم: (رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيث) (يوسف: 101). وقال عن داود عليه السلام: (وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ لِتُحْصِنَكُم مِّن بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنتُمْ شَاكِرُونَ) (الأنبياء: 80). وعن الخَضِر عليه السلام قال: (وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً) (الكهف: 65). وغير ذلك من الآيات الكثيرة، التي تبين أنَّ أصلَ ومَنْشأ كلِّ علمٍ، إنما هو مِنَ الله جلّ ثناؤه، سواءً كان شَرْعياً أو دُنيوياً.

6- قلَّة ما بأيدينا من العلم؛ بالنسبة لعلم الله تعالى: فمع كثرة المعلومات التي تعلّمها بنو آدم وتشعّبها، إلا أنها قليلة جداً بالنسبة لعلمِ الله تعالى الواسع؛ كما قال سبحانه: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً ) (الإسراء: 85). وفي قصة الخَضِر مع موسى عليهما الصلاة والسلام:” فلما ركبا في السَّفينة؛ جاء عصفورٌ فوقع على حَرْف السَّفينة، فنَقَرَ في البَحْر نقرةً أو نَقْرتين. قال له الخَضِر: يا موسى، ما نَقصَ علمي وعلْمك مِنْ علمِ الله، إلا مثْل ما نَقَصَ هذا العُصْفور؛ بمِنْقاره مِنَ البَحر..”.

7- الفَرْق بينَ علمِ الخَالق؛ وعِلْم المَخْلوق: إضافةً إلى ما سبق؛ فإنَّ علمَ اللهَ جلَّ ثناؤه لا يعتريه نقصٌ أبَداً، مِن نسيانٍ أو جَهْل، أو علمٍ ببعض أمور الخَلْق؛ وجَهْلٍ بغيرها. قال تعالى: (وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً ) (مريم: 64). وقال: (وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ) (يس: 79).

8- اختصَّ اللهُ نفْسَه سبحانه بعُلُوم الغَيْب: قال سبحانه عن نفسه: (وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ) (الأنعام: 59). وقال: (قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ) (النمل: 65). وذكر منها خمسةً في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) (لقمان: 34). قال الآلوسي رحمه الله: وما في الإخبار؛ يُحْمل على بيانِ البعض المُهِم، لا على دَعْوى الحَصْر، إذْ لا شُبهة في أنَّ ما عَدَا الخَمْس مِنَ المُغيَّبات؛ لا يَعلَمُه إلا الله تعالى. فعلمُ الغيبِ لا شكَّ أنه أعْظمُ وأوْسعُ؛ مِنْ أنْ يُحْصَر في هذه الخَمس فقط.

9- ومَنْ زعَمَ أنَّ أحَداً يَعْلمُ الغيبَ؛ غير اللهِ سبحانه؛ فقد كفرَ بالآيات السابقة. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ومن زعم أنه – تعني النبي صلى الله عليه وسلم – يخبر بما كون في غدٍ؛ فقد أعظمَ على الله الفرية، والله يقول: (قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ) (النمل: 65).

من كتاب النهج الأسمى في شرح أسماء الله الحسنى للدكتور محمد بن حمد الحمود النجدي.