التطير والتشاؤم:
حديث الشؤم في ثلاثة:
اختلف العلماء في معنى هذا الحديث لكونه مخالفاً لظاهر الأحاديث الواردة بنفي الطِّيَرة ونفي الشؤم ، على أقوال منها ما ذكره الإمام محمَّد بن الحَسَن في روايته للموطأ من أن أصل الحديث إن كان الشؤم في شيء ففي الدار والمرأة والفرس، فليس فيه إثباته فيها بل معناه إنْ كان في شيء ففي هذه الأشياء لكنه ليس فيها ولا في غيره .
ومنها: وهو أرجحها أن الشؤم يكون في هذه الثلاثة غالباً بحسب العادة لا بحسب الخلقة ، ولا يكون شيء من ذلك إلا بقضاء اللّه وقدره، فمن وقع في شيء من هذه الأشياء أبيح له تركه .
قال الحافظ ابن حجر في الفتح :
قال ابن العربي: معناه إن كان خلق الله الشؤم في شيء مما جرى من بعض العادة فإنما يخلقه في هذه الأشياء، وقال المازري: بحمل هذه الرواية إن يكن الشؤم حقا فهذه الثلاث أحق به، بمعنى أن النفوس يقع فيها التشاؤم بهذه أكثر مما يقع بغيرها.
أوجه رواية حديث الشؤم في ثلاثة:
حديث الشؤم رُوِيَ بوجْهين، أحدهما بالجزم ، والثاني بالشرط.
فالأول : “الشُّؤم في الدار والمرأة والفرس” . والثاني :”إنْ يَكُن من الشؤم شيء حقًّا ففي الفرس والمسكن والمرأة”
هل جزم النبي ﷺ بالشؤم في الفرس والمرأة والدار:
حكم التشاؤم في الدار:
سئل مالك ـ رضي الله عنه ـ عن الشؤم في الدار فقال: إن ذلك كذِبٌ فيما نرى، كم من دار سكنها ناس فهَلكوا، ثم سكنها آخرون فملَكوا.
وقال آخرون: إنما يلحق الشؤم مَن تشاءم منها، أما من توكَّل على الله فلا يَلحقه ضرر منها، ولذلك نصح النبي ـ ﷺ ـ المرأة أن تتحول عن هذه الدار ما دامت تتشاءم منها، وهو من باب الرحمة والتيسير، بدل أن يُرْغِمَها على سُكْنَاها، ونفسها لم تتهيأ لترك الشؤم وللاتكال على الله بعد، فقد يَزيدها ذلك اعتقادًا في التَّطَيُّر وهو شرك، أو يُسْلِمها إلى الحزن بكراهة الدار، ولو أُرغم مَن ضاق رزقه في بلد على عدم مفارقتها لكان ذلك هو الحرج الذي لا يرضاه الله لعباده… انتهى
وقد بوَّب البخاري بابا في صحيحه بعنوان : باب مَا يُتَّقَى مِنْ شُؤْمِ الْمَرْأَةِ .
قال النووي في شرح مسلم: اختلف العلماء في هذا الحديث فقال مالك وطائفة: هو على ظاهره، وأن الدار قد يجعل الله تعالى سكناها سبباً للضرر أو الهلاك، وكذا اتخاذ المرأة المعينة أو الفرس أو الخادم قد يحصل الهلاك عنده بقضاء الله تعالى، ومعناه قد يحصل الشؤم في هذه الثلاثة، كما صرح به في رواية: “إن يكن الشؤم في شيء”.
وقال الخطابي وكثيرون: هو في معنى الاستثناء من الطيرة أي الطيرة منهي عنها إلا أن يكون له دار يكره سكناها، أو امرأة يكره صحبتها، أو فرس أو خادم فليفارق الجميع بالبيع ونحوه وطلاق المرأة.
بماذا يكون الشؤم من الدار والمرأة والفرس:
واعترض بعض الملاحدة بحديث: “لا طيرة على هذا”، فأجاب ابن قتيبة وغيره: بأن هذا مخصوص من حديث: لا طيرة، أي لا طيرة إلا في هذه الثلاثة.