معنى هذا الحديث أن الأب إذا كان فقيرا محتاجا واحتاج إلى مال ولده الغني فإنه يجوز له أن يأخذ منه.

يقول الأستاذ الدكتور حسام الدين عفانه – أستاذ الفقه وأصوله بجامعة القدس:-

لقد اتفق الفقهاء على أنه يجب على الولد الموسر أن ينفق على والده الفقير المحتاج وإن لم يفعل فهو آثم عند الله سبحانه وتعالى .

ويجوز للأب أن يأكل من مال ولده ويأخذ منه قدر حاجته ما لم يكن في ذلك سرف أو سفه فقد ورد في الحديث عن عائشة قالت : ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إن أطيب ما أكلتم من كسبكم وإن أولادكم من كسبكم ) رواه أصحاب السنن الأربعة وأحمد وابن حبان والحاكم وهو حديث حسن صحيح كما قال الترمذي.

وفي رواية لأحمد :( ولد الرجل من أطيب كسبه فكلوا من أموالهم هنيئاً ) ورواه الحاكم وصححه .

وينبغي للابن أن يبذل ماله لأبيه ولا يمنعه منه وليس معنى ذلك أن الأب يملك مال الابن من غير طيب نفس من ابنه.

وأما الحديث المذكور وهو قوله :( أنت ومالك لأبيك ) فهو جزء من حديث ورد بروايات مختلفة منها عن جابر بن عبد الله أن رجلاً قال :( يا رسول الله إن لي مالاً وولداً وإن أبي يجتاح مالي . فقال عليه الصلاة والسلام : أنت ومالك لأبيك ) رواه ابن ماجة والطحاوي والطبراني وهو حديث صحيح كما قال الشيخ الألباني وقد ورد هذا الحديث من طرق كيثرة تكلم عليها الألباني بالتفصيل في كتابه إرواء الغليل 3/323-330 .

ولم يأخذ أكثر الفقهاء بظاهر الحديث قال ابن حبان في صحيحه : تـحـت عـنـوان ” ذكر خبر أوهم من لم يحكم صناعة العلم أن مال الابن يكون للأب … ” ثم ذكر الحديث وعقب عليه بقوله :[ ومعناه أنه صلى الله عليه وسلم زجر عن معاملته أباه بما يعامل به الأجنبي وأمره ببره والرفق به في القول والفعل معاً إلى أن يصل إليه ماله فقال له :( أنت ومالك لأبيك ) لا أن مال الابن يملكه الأب في حياته عن غير طيب نفس من الابن له ] صحيح ابن حبان 2/142-143 .

ويرى بعض أهل العلم أن اللام في قوله صلى الله عليه وسلم :( لأبيك ) تفيد الإباحة لا التمليك فيباح للوالد أن يأخذ من مال الابن حاجته ولا تفيد أن الأب يملك مال الابن فإن مال الابن له وزكاته عليه وهو موروث عنه .

وقال الشيخ علي الطنطاوي :[ إن الحديث قوي الإسناد لكن لا يؤخذ عند جمهور الفقهاء على ظاهره بل يؤول ليوافق الأدلة الشرعية الأخرى الثابتة والقاعدة الشرعية المستنبطة منها وهي أن المالك العاقل البالغ يتصرف بماله وليس لأحد التصرف به بغير إذنه … ] فتاوى الطنطاوي ص 137 .