يقول الأستاذ الدكتور أحمد يوسف سليمان أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية دار العلوم جامعة القاهرة:
روى البخاري ومسلم ومالك وأبو داود والنسائي وغيرهم أن رسول الله -- قال: “إن هذا القرآن أُنزل على سبعة أحرف؛ فاقرءوا ما تيسر منه”. وقد حكم القاسم بن سلام بالتواتر على حديث: “أُنزل القرآن على سبعة أحرف”، وهو يعني التواتر المعنوي.

والغرض من نزول القرآن على هذه الأحرف التوسعة من الله، والرحمة بهذه الأمة؛ إذ لو كُلف فريق منهم ترك لغته والعدول عن عادة نشئوا عليها لشق عليهم، ومما يدل على ذلك ما رواه الترمذي عن أُبي بن كعب -رضي الله عنه- أن رسول الله -- لقي جبريل، فقال: يا جبريل إني بعثت إلى أمة أميين؛ منهم العجوز، والشيخ الكبير، والغلام، والجارية، والرجل الذي لم يقرأ كتابًا قط، فقال: يا محمد إن القرآن أُنزل على سبعة أحرف، قال الترمذي: حسن صحيح.

ومن المتفق عليه أن هذه الأحرف السبعة ليست هي القراءات السبع؛ لأن القراءات المتواترة بعض هذه الأحرف، وقد نشأت مدارسها بعد وفاة الرسول --، أما الأحرف السبعة فكانت بإقراء النبي -- وإقراره، وذلك في العهد المدني بعد دخول الناس في دين الله أفواجا.

وقد اختلف العلماء اختلافًا كبيرًا قديما وحديثا في المراد بهذه الأحرف السبعة، ولعل أرجح أقوالهم وأقربها إلى الصواب قول الإمام فخر الدين الرازي، وملخصه أن المراد بها: اختلاف تصريف الأفعال، واختلاف وجوه الإعراب، والاختلاف بالنقص والزيادة، والاختلاف بالتقديم والتأخير، والاختلاف بالإبدال، واختلاف اللغات واللهجات كالفتح والإمالة.

وهذا القول هو الذي تؤيده الأدلة، ويتحقق منه الغرض والهدف من نزول القرآن بهذه الطريقة من التخفيف والتيسير؛ ولأنه يعتمد على الاستقراء التام لاختلاف القراءات، وليس عليه اعتراض أو خطر محذور.