أهل الفترة هم الذين لمْ يروا نبيًّا سابقًا ولا نبيًّا لاحقًا، عاشوا وماتوا في فترة ليس فيها نبيٌّ، ومنهم العرب الذين ماتوا قبل بعثة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حيث لم يأتِهِم نبي بعد إسماعيل فمن آمن من هؤلاء بالرسل الذين أُرسلوا إليهم فهم في الجنة، ومَنْ لم يؤمن فهو في النار، وهناك جماعة لم تَبلُغْهم دعوة أي نبي من الأنبياء، وقد اختلف فيهم العلماء، فقال بعضهم، كان الواجب عليهم أن يعرفوا ربَّهم بعقولهم عن طريق النظر في مخلوقاته ليؤمنوا به، فمن توصَّل منهم إلى معرفته وآمن به نجا، ومن لم يفعلْ ذلك فهو في النار.

وقال آخرون : لا يكلَّف هؤلاء بالإيمان إلا بحسب شَرْع يأتي إليهم، فإذا لم يجئ فلا مسئولية عليهم، قال تعالى ( ومَا كنَّا معذِّبين حتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً ) ( سورة الإسراء : 15 ) .

وحُجَّة كل فريق مبسوطة في الكتب المتخصِّصة، راجع كتاب : المِلَلُ والنِّحَل للشِّهْرِسْتَاني، المواهب للقسطلاني مع شرْح الزُّرقاني، وستَرى الحديث عن أبوَيِ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ له نَصِيب كَبير من البحث .

ومهما يكُن من شيء فإنَّ معرفة ذلك ليْستْ فرضًا علينا، وليستْ عقيدة نُسأل عنها، والبحث شهْوةٌ عقليَّة لا تُغَيِّر من واقِعِ هؤلاء النَّاس شيئًا، فربُّهم أعْلم بهم وقد أفضَوْا إليه بما قدَّموا .