إن أحوال الآخرة من الغَيب الذي لا يعلمه إلا الله، ومن أطلعه عليه عن طريق إرسال الرسل ليخبروا الناس به، والأطفال الذين يموتون قبل البلوغ، وهو حدّ التكليف يتبعون أشرفَ دين يَدين به آباؤهم وأمّهاتهم.
وبهذا يكون مصير أولاد المسلمين هو الجنّة، وقد جاءت بذلك أحاديث صحيحةٌ، منها ما رواه مسلم أن الأطفال يشفعون لآبائهم يوم القيامة، فيقول الله لهم:( ادخلوا الجنّة أنتم وآباؤكم) وأنّهم يسرحون في الجنّة لا يُمنعون من بيت. أطلقت عليهم بعض الأحاديث ” الدعاميص ” وعليه حمل بعض المفسِّرين قول الله تعالى:( جَنّات عدنٍ يَدخلونَها ومَن صَلَح مِنْ آَبائِهِمْ وأَزْواجِهِمْ وذُرِّيّاتِهِمْ ) (سورة الرعد : 23) وقوله ( والذِينَ آمَنُوا واتّبَعَتْهُمْ ذُرِّيّتُهُمْ بإيْمانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ) (سورة الطور : 21).
أما أطفال المشركين فلا يلحقون بآبائهم في النار، لأنّهم لم يكلفوا حتى يعاقبوا، فهم ماتوا على الفِطرة لهم الجنة إن شاء الله، ويدل عليه حديث البخاري عن سمُرة بن جُنْدَب في رؤيا رآها النبيُّ ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ حيث جاء فيها أنّه رأى روضة فيها رجل حوله وِلدان كثيرون، وهو إبراهيم عليه السلام، يرعَى كل مولود يولد على الفطرة، فقال بعض المسلمين: يا رسول الله وأولاد المشركين؟ فقال:” وأولاد المُشركين” فهم سيدخلون الجنة، لا يعلم حالَهم فيها إلا الله.
وأما ما رواه الطبراني من أنّهم سيكونون خدمًا لأهل الجنّة فهو حديث ضعيف النسبة إلى الرسول عليه الصلاة والسلام، وموقوف على سلمان بسند حسن أو صحيح، وقد قال المفسِّرون بذلك عند قوله تعالى:( يَطُوف عليهم وِلدانٌ مُخَلَّدونَ )(سورة الواقعة: 17)وقوله:( ويَطوفُ عَلَيْهِمْ غِلمانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنونٌ )(سورة الطور : 24) والقلب يطمئن إلى دخولهم الجنة كما في حديث البخاري.
يقول النووي في شرح صحيح مسلم ” ج12 ص 50 “: إن أولاد الكفار حكمهم في الدنيا حكم آبائهم، وأما في الآخرة ففيهم إذا ماتوا قبل البلوغ ثلاثة مذاهب، الصحيح أنهم في الجنّة، والثاني في النار، والثالث لا يُجزَمُ فيهم بشيء. ” انظر : الخطيب على متن أبي شجاع ج 2 ص 256″.