الحج هو الركن الخامس من أركان اللإسلام، وهو اتجاه المسلمين إلي مكة في وقت معين من العام مؤدين شعائر الحج بترتيب وكيفية محددة تُسمى مناسك الحج،والحج فرض عين واجب على كل مسلم عاقل بالغ وقادر؛ فهو أحد أركان الإسلام الأساسية، يقول رسول الله ﷺ :”بُني الإسلام على خمس: شهادة أنّ لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، إقام الصلاة، إيتاء الزكاة وصوم رمضان، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلًا.”
ما هي المنافع التي يشهدها الحجاج أثناء موسم الحج:
يقول الدكتور أحمد الشرباصي- رحمه الله تعالى – الأستاذ بجامعة الأزهر: يقول الله سبحانه في حكمة الحج: (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ) (سورة الحج: 27، 28) ويقول سبحانه: (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضلاً مِنْ رَبِّكُمْ) (سورة البقرة: 198).
إن المنافع التي يشهدها الحُجاج كثيرة متنوعة، منافع دينية ومنافع دنيوية، ومن المنافع الدنيوية رزق أهل مكة استجابة لدعوة إبراهيم -عليه السلام- حينما وضع ولده إسماعيل وأمه هاجر في هذا الوادي الذي ليس فيه زرع. والرزق قد يكون بدون مقابل كالهدي والفِداء أو بمقابل كالبيع والشراء للهدي ولغير الهدي، ففيه نشاط تجاري دنيوي، كما أن فيه نشاطًا دينيًّا.
وابتغاء الفضل من الله في موسم الحج بالتجارة والكسب الحلال ليس فيه حرج، وقد جاء في سبب نزول هذه الآية ما رواه البخاري ومسلم عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: إن الناس في أول الحج -أي في الإسلام- كانوا يتبايعون بمنى وعرفة وذي المجاز -موضع بجوار عرفة- ومواسم الحج وهم حرم. فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وما رواه أبو داود عن ابن عباس أيضًا أن الناس كانوا لا يتجرون بمنى، فأمروا أن يتجروا إذا أفاضوا من عرفات.
هل يجوز التكسب والتجارة أثناء الحج أو العمرة:
فالتكسب الحلال في أثناء الموسم لا حرج فيه، بمعنى أنه لا يفسد الحج، ولا يضيع ثوابه، روى أبو داود وسعد بن منصور أن رجلاً قال لابن عمر رضي الله عنهما: إني رجل أكري -أؤجر الرواحل للركوب- في هذا الوجه، وإن أناسًا يقولون لي: إنه ليس لك حج فقال ابن عمر: أليس تُحْرِم وتُلبي وتطوف بالبيت وتفيض من عرفات وترمي الجمار؟ قال: بلى، قال: فإن لك حجًّا، جاء رجل إلى النبي -ﷺ- فسأله عن مثل ما سألتني، فسكت عنه حتى نزلت هذه الآية: (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضلاً مِنْ رَبِّكُمْ) (البقرة: 198) فأرسل إليه وقرأ عليه هذه الآية، وقال: “لك حج” وما رواه البيهقي والدراقطني أن رجلاً سأل ابن عباس: أؤجر نفسي من هؤلاء القوم فأنسك معهم المناسك، ألي أجر؟ فقال له: نعم (أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ) (سورة البقرة: 202).
تبين هذه المأثورات أن الذين يحجون ويزاولون أعمالاً تجارية حجهم صحيح غير فاسد لا تجب عليهم إعادته، وتسقط عنهم الفريضة، أما الثواب فظاهر هذه الآثار أن الله لا يحرمهم منه، ولكن يجب مع ذلك مراعاة الحديث الصحيح “إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى”، وإذا تعددت النوايا في عمل صالح يمكن أن يرتبط الثواب بما غلب من هذه النوايا، والأمر كله لله من قبل ومن بعد، وهو سبحانه عليم بذات الصدور.