الفقهاء مجمعون على وجوب غسل جميع الشعر في الغسل لكل من الرجل والمرأة، فلا يجوز مسح المرأة شعرها في الغسل فتكتفي بذلك دون الغسل، والجمهور على أن المرأة ذات الضفائر لا يجب عليها حل ضفائرها، بل يكفيها صب الماء على الشعر وتعميمه به مع تدليك فروة الرأس .
فلا يجوز مسح الشعر بدلا من غسله في الغسل الواجب، إلا إذا وجد مرض وقرر طبيب مسلم أو طبيبة مسلمة ثقة أن الماء يضر بالمرأة ضررا غير يسير، فحينئذ يجوز لها الاكتفاء بمسح الرأس بدل غسلها.
يقول المستشار الشيخ فيصل مولوي:
إنّ الجنب سواء كان رجلاً أو امرأة، إذا أراد الاغتسال من الجنابة يتوضّأ وضوءه للصلاة ثم يُفيض الماء على جميع بدنه، وينوي أو تنوي هي الطهارة فتخرج بعد ذلك طاهرة متوضّئة. فالمطلوب من الجنب غسل الشعر كلّه وليس مجرّد مسحه كما في الوضوء، حيث يُكتفى بمسح بعض الرأس عند كثير من الفقهاء. أمّا غُسُل الجنابة فيجب فيه غَسلُ جميع الشعر مع جميع البدن. وكان رسول الله ـ ﷺ ـ في غُسُل الجنابة (يخلّل شعره) كما في حديث عائشة الذي أخرجه البخاري. ولم يوجب الرسول ـ ﷺ ـ على المرأة المسلمة أن تنقض ضفائر رأسها لغُسُل الجنابة إنّما قال لأمّ سلمة: (يكفيك أن تحثّي على رأسك ثلاث حثيات، ثم تفيضين عليك الماء فتطهرين) أخرجه مسلم. ويدلّ الحديث على أنّ غسل الشعر واجب وليس مجرّد المسح، وعلى هذا اتفاق الفقهاء فيما نعلم.
لكن الحنابلة يوافقون جمهور الفقهاء في غُسُل الجنابة، ويخالفونهم في غسل الحيض والنفاس، حيث يقولون بوجوب نقض الضفائر، لقول رسول الله ـ ﷺ ـ لعائشة: (انقضي شعرك وامتشطي) أخرجه البخاري.
وإذاً فلا خلاف بين الفقهاء في وجوب غسل الشعر، وإنّما الخلاف حول نقض الضفائر أو الاكتفاء بغسلها.
ولا يتأثّر هذا الحكم بطول الشعر واحتمال المرض. إنّما إذا رجّح الطبيب احتمال المرض بسبب الغسل، وكان هذا المرض مؤثّراً على النشاط الطبيعي للإنسان – وليس مجرّد زكام محتمل – يمكن عند ذلك تجاوز غسل الشعر والاكتفاء بمسحه بسبب هذه الضرورة إذا بلغت الحدّ الشرعي لإباحة المحظور أو ترك الواجب.