يقول فضيلة الشيخ محمد رشيد رضا-رحمه الله-:
إن هذا القرآن المكتوب في المصاحف ، المحفوظ في الصدور ، المتلو بالألسنة ، هو كلام الله المنزل على قلب رسوله محمد ﷺ ، والرسول المبلغ له عن الله -تعالى – ليس فيه صنع ولا عمل .
والقول بأنه مخلوق على الإطلاق ، أو باعتبار قراءته أو كتابته من البدع المذمومة التي لم يأذن بها الله ، ولا قال بها رسوله ، ولا أصحاب رسوله ، ولا التابعون لهم في هدايتهم ، ولا هي مما تحتاج إليه الأمة في حفظ دينها ولا مصلحة دنياها .
من البدع أيضًا أن يقال : إن حروفه مخلوقة ، وإن قراءتي له مخلوقة ، وربما كان ذريعة إلى ما هو شر منه مع عدم الحاجة إليه ، وضرر إضاعة الوقت في مثله .
ومن المعلوم أن فتنة القول بخلق القرآن حدثت في أول القرن الثالث ، فخير لنا أن نجعلها نسيًا منسيًّا ، ونكون في ذلك كأهل القرن الأول والثاني .
فإن قيل : كان يكون هذا حسنًا لو رضي الناس به وجروا عليه، ولكن المسألة لا تزال تقرأ في الكتب ، فتعلق شبهة البدعة ببعض الأذهان ، فوجب إبطال تلك الشبهة التي يزعم أصحابها أنهم جاءوا بحقائق الفلسفة ؛ إذ جعلوا القرآن عضين : منه كلام نفسي وكلام لفظي ، وقالوا : هذا حادث وذاك قديم .
قلنا : إن المجادلات النظرية تحيي تلك النظريات الفلسفية ، وإنما نميتها بالنهي عنها وبيان الحق الذي كان عليه السلف لا نرى غير ذلك ،واتباع مذهب السلف يمنعنا من الخوض في الخلاف ، فنحن نبين الحق الذي نعتقده وندين الله به ، وندعو إليه ، ولا نزيد على ذلك .