يقول الدكتور يوسف القرضاوي :-
السعي إلى وحدة المسلمين في صيامهم وفطرهم، وسائر شعائرهم وشرائعهم، أمرٌ مطلوب دائما، ، فعلى الأقل يجب أن نحرص على الوحدة الجزئية الخاصة بين أبناء الإسلام في القطر الواحد .
فلا يجوز أن نقبل بأن ينقسم أبناء البلد الواحد، أو المدينة الواحدة، فيصوم فريقٌ اليوم على أنه من رمضان، ويفطر آخرون على أنه من شعبان، وفي آخر الشهر تصومُ جماعة، وتعيد أخرى، فهذا وضع غير مقبول .
فمن المتفق عليه أن حكم الحاكم، أو قرار ولي الأمر يرفع الخلاف في الأمور المختلف فيها .
فإذا أصدرت السلطة الشرعية المسئولة عن إثبات الهلال في بلد إسلامي ــ المحكمة العليا، أو دار الإفتاء، أو رئاسة الشؤون الدينية، أو غيرها ــ قرارها بالصوم أو بالإفطار، فعلى مسلمي ذلك البلد الطاعة والالتزام ؛ لأنها طاعة في المعروف، وإن كان ذلك مخالفا لما ثبت في بلد آخر، فإن حكم الحاكم هنا رجح الرأي الذي يقول : إنَّ لكل بلد رؤيته .
وهذه توصيات ندوة الأهلَّة والمواقيت والتقنيات الفلكية :-
عُقدت ندوة الأهلَّة والمواقيت والتقنيات الفلكية في الكويت خلال الفترة بين 21 إلى 23 رجب 1409 هـ الموافق 2/27 – 1989/3/1م بتنظيم النادي العلمي الكويتي ومؤسسة الكويت للتقدم العلمي، وشارك فيها عدد من فقهاء الشريعة وعلماء الفلك في الدول العربية التالية: الأردن – الإمارات – الجزائر – السعودية – السودان – عُمان – فلسطين – قطر – الكويت – مصر – المغرب – اليمن.؛ كما حضرها مندوبون عن مجمع الفقه الإسلامي بجدة، والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، والاتحاد العربي لنوادي العلوم، وقد أصدرت الندوة التوصيات العلمية التالية:
(1) إذا ثبت رؤية الهلال في بلد وجب على المسلمين الالتزام بها ولا عبرة باختلاف المطالع لعموم الخطاب بالأمر بالصوم والإفطار.
(2) يؤخذ بالحسابات المعتمدة في حالة النفي (أي القطع باستحالة رؤية الهلال) وتكون الحسابات الفلكية معتمدة إذا قامت على التحقيق الدقيق (لا التقريب) وكانت مبنية على قواعد فلكية مسلمة وصدرت عن جمع من الفلكيين الحاسبين الثقات بحيث يؤمن وقوع الخلل فيها.
فإذا شهد الشهود برؤية الهلال في الحالات التي يتعذر فلكيًا رؤيته فيها ترد الشهادة لمناقضتها للواقع ودخول الريبة فيها.
ومن هذه الحالات التي تستحيل فيها الرؤية:-
(أ) إذا شهد الشهود برؤية الهلال قبل الوقت المقدر له بالحساب الفلكي، وهو وجوده في الأفق بعد غروب الشمس، فلا عبرة بالشهادة على رؤية الهلال قبل حصول الاقتران أو إذا تزامنت الشهادة مع الاقتران، سواء أكان الاقتران مرئيًا كالكسوف، أم غير مرئي مما تحدده الحسابات الفلكية المعتمدة. وهذه الحالة نص عليها عدد من فقهاء المسلمين كابن تيمية والقرافي وابن القيم وابن رشد.
(ب) إذا شهد الشهود برؤية الهلال بعد الغروب في اليوم الذي رؤي فيه القمر صباحًا قبل شروق الشمس. فلا عبرة بالشهادة على هذه الرؤية.
(3) رؤية الهلال هي الأصل في إثبات دخول الشهر، ويُستعان بالحساب الفلكي في إثبات الأَهِلَّة بالرؤية، وذلك بتحديد ظروف الرؤية في اليوم والساعة والجهة وهيئة الهلال، ولكن لا يكتفى بالحساب للإثبات بل لا بُدَّ من الشهادة المعتبرة على رؤيته. فإن دلَّ الحساب على إمكانية الرؤية وعدم الموانع الفلكية ولم يُرَ الهلال وجب إكمال عدة الشهر ثلاثين.
(4) في البلاد التي لا تتمايز فيها بعض الأوقات، كالعشاء والفجر، لعدم غيبوبة الشفق، أو عدم غروب الشمس، أو عدم طلوع الفجر يؤخذ لتحديد أوقات الصلوات التي اختفت علاماتها، بمبدأ (التقدير المطابق) بأن يجرى على تلك البلاد توقيت أقرب بلد تتمايز فيه تلك الأوقات، مع مراعاة كون البلد الأقرب على نفس خط الطول.
وهذا المبدأ مُستمد من مذهب المالكية وهو يُحقق اليسر ورفع الحرج.
وتقترح الندوة اهتمام الفلكيين بتحديد أوقات الصلوات لهذه المناطق طبقًا لمبدأ (التقدير النسبي) وهو مذهب الشافعية، وذلك بحساب النسبة بين الوقت وبين الليل وفي البلد الأقرب على خط الطول نفسه ومراعاة ذلك بالنسبة أيضًا في البلد الآخر.
(5) الاعتماد بصفة أساسية على التقويم الهجري وربط المعاملات والميزانيات والمرتبات به، لأنه المعمول عليه في العبادات والأحكام وكذلك في الحقوق الشرعية عند الإطلاق.