من المعلوم أن الله سبحانه وتعالى لا يرضى لعباده الكفر فهو القائل سبحانه وتعالى “إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر ” الزمر آية: 7 ومن ثم فالجميع مطالب بالإيمان به والإسلام له ومن أجل ذلك أنزل الكتب وأرسل الرسل سبحانه وتعالى ، ومن ثم فالكافر من حيث الجملة مطالب بفروع الشريعة ولكن لا تصح منه إلا بالإسلام فالصلاة واجبة عليه ولكن لا تصح منه إلا بإسلامه وهكذا سائر العبادات ومن أجل ذلك فالكافر يعذب يوم القيامة على كفره وعلى ما ضاع منه من العبادات والذي حال الكفر بينه وبينها ففي سورة فصلت (وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ).

وفي سورة المدثر (– نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءلُونَ عَنِ الْمُجْرِمِينَ مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ ).

هل الكفار مخاطبون بفروع الشريعة

يقول فضيلة الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق –رئيس لجنة تحقيق التراث الإسلامي بالكويت:
من المعلوم قطعاً أن الكافر مطالب بالإيمان بالله وعبادته وحده، والدخول في شريعته وذلك أن خطاب الله بالإيمان للجميع كما قال سبحانه وتعالى: {يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون} (البقرة:21)، وقال أيضاً سبحانه وتعالى: {إن الدين عند الله الإسلام} (آل عمران:19).. وقال: {ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين} (آل عمران:85)..
وكل هذه الآيات توضح أن الله سبحانه وتعالى لا يرضى من عباده إلا أن يعبدوه وحده لا شريك له، وأن يسلموا له سبحانه وتعالى، وهذا يعني أن كل إنسان مكلف ومخاطب بالإيمان ومن دخل الإيمان لزمه أداء التكاليف الشرعية التي فرضها الله سبحانه وتعالى -أي يلزمه فعل الواجب وترك الحرام والالتزام بأمره سبحانه وتعالى-.
ولكن السؤال: هل الكافر مطالب بفروع الشريعة أيضاً؟ أي هل هو مطالب مثلاً بالصلاة والزكاة والحج، وبر الوالدين وصلة الأرحام وصدق الحديث، والابتعاد عن الزنى والربا وشرب الخمر وغير ذلك من الموبقات أم أنه لكفره لا يحاسب على ذلك ولا يطالب شرعاً بهذه الفروع ما دام كافراً؟
والجواب: أن الكافر مطالب من حيث الجملة بهذه الأمور كلها، ولكن العبادة لا تصح منه دون الإسلام، فالإسلام شرط لصحة الصلاة والصيام والزكاة والحج لأن شروط قبول العمل الصالح عند الله سبحانه وتعالى الإسلام وذلك لقوله سبحانه وتعالى: {وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءً منثوراً} (الفرقان:23) ولحديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: يا رسول الله عبد الله بن جدعان كان يطعم الحاج في الجاهلية فهل ينفعه ذلك عند الله يوم القيامة؟ فقال رسول الله : [لا إنه لم يقل يوماً رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين] (رواه مسلم).
أي لأنه لم يؤمن بالآخـرة فلا ينفعه عمله الصالح في الدنيا وهكذا كل كافر، ولكن هذا لا يعني أن الكافر غير مطالب بالصلاة والزكاة والحج، بل هو مطالب شرعاً بكل ذلك كما قال سبحانه: {يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم} (البقرة:21) وهذا أمر بعبادة الله والصلاة والصوم والزكاة والحج داخل في العبادة -ولا شك-.

هل الكافر ينتفع بعمله الصالح في الآخرة

هذه العبادات لا تقبل منه طالما بقي على الكفر بالله وهكذا القول في ارتكاب الكافر للمحرمات فإنه مطالب بتركها معاقب على فعلها في الآخرة عقاباً زائداً على عقوبة الكفر.
قال تعالى: {والذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذاباً فوق العذاب بما كانوا يفسدون} (النحل:88)، وهذا يعني في المحصلة أن الكافر يوم القيامة يحاسب على تركه للواجبات وفعله للمحرمات عقوبة زائدة على كفره.
وأما في الدنيا فلا يجب علينا معاقبة الكافر المعاهد والذي داوم على ترك الواجبات العبادية وعلى فعل المحرمات التي يرى إباحتها في دينه: كأكل لحم الخنزير وشرب الخمر، ولكن العقوبات الجزائية لعدوانه على مسلم أو نقضه لعهده فإنه يعاقب عليها وهذه عقوبة دنيوية للتعدي على حقوق الناس، وأما حق الله سبحانه وتعالى فهو متروك للآخرة.