الإدمان لغة: دَمِنَ على الشيء: لزمه ، وأدمن الشراب وغيره: أدامه ولم يقلع عنه ، ويقال أدمن الأمر ، واظب عليه.

اصطلاحًا: تعاطى المواد الضارة طبيًا واجتماعيًا وعضويًا بكميات أو وجرعات كبيرة ولفترات طويلة ، تجعل الفرد متعودًا عليها وخاضعًا لتأثيرها ،ويصعب أو يستحيل عليه الإقناع عنها.

والإدمان قد يكون إدمانًا على الخمر والمسكرات ، أو إدمانًا على المخدرات أو حتى بعض الأدوية والعقاقير.

ولكنه فى كل الأحوال أكثر تعقيدًا من مجرد الاشتهاء الجسمى لأنه يؤثر على أجهزة الجسم وبخاصة على الجهاز العصبى والنفسى للإنسان والقاعدة فى الشريعة الإسلامية، تقرر أنه لا يحل للمسلم أن يتناول من الأطعمة أو الأشربة شيئًا يقتله بسرعة أو ببطء أو ما يضره ويؤذيه ، فإن المسلم ليس ملك نفسه ، وإنما هو ملك دينه وأمته ، وحياته وصحته وماله ونعم الله كلها عليه وديعة عنده ، ولا يحل له التفريط فيها، قال سبحانه وتعالى: {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة}[البقرة:195] ، وقال سبحانه وتعالى: {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيمًا}[النساء:29] ، فقد أثبتت الأبحاث الطبية والاجتماعية أن أشر ما يمكن أن يؤدى إلى التهلكة هو الإدمان.

وليس هناك أكمل من البيان القرآنى وحجية السنة المطهرة لبيان ما ينطوى عليه من خطورة ، فالله عندما شرع العقوبة جعل شرب الخمر ضمن جرائم الحدود ، كما قال سبحانه: {ياأيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون}[النساء:43]، وقال جل شأنه:{ياأيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون.إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء فى الخمر والميسر ويصدكم عن ذكرالله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون}[المائدة:90-91].

كما وصفها الرسول الكريم بأنها أم الكبائر وأم الخبائث؛ لأنها تزين للإنسان الشر وتدفعه إليه ، ولذا فقد لعن بائعها وعاصرها وحاملها ،فلقد “نهى رسول الله عن كل مسكر ومفتر [ الإمام أحمد عن أم سلمة].

ويعتبر الإدمان فى العصر الحديث من أشد المشكلات إيلامًا لأسر المدمنين والمجتمع إذ يؤدى إلى حالة من التدهور فى الشخصية تهتز معها القيم والمعايير فلا يعود المدمن قادرًا على التوافق السليم مع القانون والحياة الاجتماعية السوية.
إن الإدمان ظاهرة المجتمعات التى تحتوى على كثير من العناصر البنائية المتناقضة -وبخاصة فى أنساق القيم- ويبدو أن هذا ما انتبهت إليه الحضارة الحديثة متأخرة ، حيث بدأت كثير من الدول التى لا تدين بدين الإسلام بالأخذ بنظرة الإسلام والتفكير جديًا فى وضع القيود والقوانين الصارمة على الخمر والمخدرات إن لم يكن تحريمها.

أ.د/محمود أبو زيد

دار الإفتاء بالأزهر